أم النبي إسحاق عليه السلام

هي سارة بنت هاران بن ناحور، وقيل بنت هاران بن تارخ؛ وقد وَهِمَ بعض المؤرخين وقالوا إنّها أخت لوط -عليه السلام- وابنة أخ النبي إبراهيم -عليه السلام-، وذلك لأنّ أباها كان يُدعى هاران الأكبر، وأخو النبي إبراهيم -عليه السلام- هو هاران الأصغر؛ فاستُشكل على من قال بذلك بين الاسمين؛ فتكون هي ابنة عمّه هاران الأكبر لا ابنة أخيه هاران الأصغر.[١]


ومن الجدير بالذكر أنّ سارة هي زوجة النبي إبراهيم -عليه السلام- التي ارتحلت معه من بلاد الكفر، بعد أن دعا إبراهيم -عليه السلام- قومه وأقام عليهم الحجّة في عبادة الأوثان؛ حتى وقع منهم التكذيب وإلقاءه -عليه السلام- في النار.[٢]


قصة سارة والملك الظالم

لمّا ارتحل الخليل إبراهيم -عليه السلام- إلى بلاد مصر، وجدا فيها ملكاً ظالماً يأخذ كل امرأة من زوجها غصباً ليتزوجها ومن ثم يقتل زوجها؛ وقد كان حراس هذا الملك قد نقلوا له خبرهما؛ فقالوا عن سارة إنّها من أحسن الناس وجهاً وجمالاً، فدعاهما هذا الملك وسأل إبراهيم -عليه السلام- عن صلة القرابة بينهما؛ فأخبره الخليل -عليه السلام- أنّها أخته؛ قاصداً بذلك أخوة الإسلام، إذ ليس على وجه الأرض في ذلك الحين مؤمن غيرهما، ولكنّ الملك أصرّ على أخذ سارة من إبراهيم -عليه السلام-.[٣]


ولمّا دخل عليها وأراد الاقتراب منها يبست أطرافه، فلم يستطع الحراك؛ فطلب منها أن تدعو له ليعود حاله كما كان على أن لا يقربها؛ فلمّا دعت له أعاد الأمر وكرر فعلته؛ إلا أنّ غضب وأخرجها من عنده، واصفاً إياها بالشيطان لما أصابه من سوء الحال كلّما اقترب منها؛ وبذلك عصم الله -سبحانه- زوجة نبيّه إبراهيم -عليه السلام- من ذلك الطاغية، وقد أهدى إليها جاريةً حسناء كانت هي هاجر -عليها السلام-.[٣]


وقد ذكرت هذه القصة في الصحيح؛ حيث كانت سارة كلما اقترب منها تدعو وتقول: (اللَّهُمَّ إنْ كُنْتُ آمَنْتُ بكَ وبِرَسولِكَ، وأَحْصَنْتُ فَرْجِي، إلَّا علَى زَوْجِي؛ فلا تُسَلِّطْ عَلَيَّ الكَافِرَ)، فلّما نجت من عنده وعادت لإبراهيم -عليه السلام-، قالت له: (شَعَرْتَ أنَّ اللَّهَ كَبَتَ الكَافِرَ وأَخْدَمَ ولِيدَةً؟).[٤][٥]


بشرى أم إسحاق عليه السلام

لقد كانت البشرى بالنبي إسحاق -عليه السلام- عندما بلغ إبراهيم وزوجته سارة -عليهما السلام- الكِبَر؛ وكان ذلك بواسطة الملائكة الكرام الذين مرّوا بهما قبل إنذار قوم لوط -عليه السلام- بالعذاب، ولم تقف البشرى عند هذا الحدّ؛ بل بشّر الله -تعالى- نبيّه بالذرية الطيبة التي ستكون من بعده من أحفاده؛ واصطفائهم جميعاً بالنيوة والرسالة؛ قال -تعالى-: (وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُواْ سَلامًا قَالَ سَلامٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ* فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ* وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ).[٦][٧]

المراجع

  1. بدر الدين العيني، عمدة القاري شرح صحيح البخاري، صفحة 30، جزء 12. بتصرّف.
  2. أبو جعفر ابن جرير الطبري، تاريخ الطبري تاريخ الرسل والملوك، صفحة 244، جزء 1. بتصرّف.
  3. ^ أ ب محمد أبو شهبة، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، صفحة 109، جزء 1. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2217، صحيح.
  5. محمد بن عبد الوهاب ، مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، صفحة 17. بتصرّف.
  6. سورة هود، آية:69-71
  7. ابن كثير، قصص الأنبياء، صفحة 218، جزء 1. بتصرّف.