التعريف بقوم النبي نوح عليه السلام
ذكر بعض المؤرخين وأهل العلم أنّ قوم النبي نوح -عليه السلام- كانوا يسكنون في الجزيرة والعراق،[١] وقد كانت لهم حضارة واسعة، وكانوا يعبدون الأصنام من دون الله -سبحانه-، إذْ بعد وفاة النبيّ آدم -عليه السلام- ومضيّ فترةٍ طويلةٍ على استمرار النّاس على الحقّ بدأ جماعات منهم يميلون وينحرفون ويضلّون عن سبيل الله.[٢]
وقد كان لهؤلاء النّاس أشخاص يقتدون بهم، وهم رجال صالحون أسماؤهم: ودَّاً، وسواعاً، ويغوث، ويعوق، ونسراً، وبعد وفاتهم صار أتباعهم يصنعون التماثيل والأصنام على هيئتهم ثمّ يعبدونها، ويُصلّون لها، ويلجؤون لها بالدعاء، وانقسموا إلى طوائف وجماعات، وعبدت كل جماعةٍ منهم صنماً معيَّناً.[٢]
دعوة نوح عليه السلام لقومه
أوحى الله -تعالى- إلى نوح -عليه السلام- بالرسالة، قال -تعالى-: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ)،[٣] وكان النبي نوح -عليه السلام- أول رسولٍ بعثه الله -تعالى- إلى الأرض، فقد عبد الناس في ذلك الزمان الأصنام، وبدّلوا دينهم، واستكبروا في الأرض، ولجؤوا إلى غير الله -تعالى-.[٤]
وقد استخدم نوح -عليه السلام- مع قومه أصنافاً وألواناً كثيرة في دعوتهم إلى عبادة الله -سبحانه- وترك عبادة الأصنام، وظلّ يدعوهم ألف سنةٍ إلا خمسين عاماً، ورغم ذلك كلّه إلا أنّ قومه لم يستجيبوا له، ولم يؤمن معه إلا عددٌ قليلٌ جداً، قال -تعالى-: (وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ).[٥][٤]
وقد اتّهم قوم نوح نبيّهم بالضلال، جاء في القرآن: (إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)،[٦] ثمّ هدّدوه: (قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ)،[٧] حيث استكبروا عليه وظنّوا أنّه الضعيف وهم الأقوياء، وأمروه بترك دعوتهم للتوحيد، وإلا هدّدوه بالشتم والسبّ، وقتلوه رجماً بالحجارة.[٨]
هلاك قوم نوح عليه السلام
بعد أن يئس نوح -عليه السلام- من قومه، وتعرّض لأذيّتهم الشديدة، وزاد طغيانهم في الأرض، شكا أمرهم إلى الله -تعالى-، فقال: (رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا* فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا)،[٩] ثمّ دعا عليهم: (رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا* إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا)،[١٠] فأوحى الله -تعالى- إليه وأمره أن يصنع السفينة.[١١]
ثمّ أمر الله -سبحانه- نبيّه نوح -عليه السلام- أن يحمل معه في السفينة مَن آمن من قومه، وأن يأخذ من كلّ زوجين من المخلوقات اثنين، قال -تعالى-: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثنين وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ).[١٢][١٣]
ثمّ أمر الله -جلّ وعلا- السماء فأنزلت المطر الغزير، وأمر الأرض ففجّرت الماء من ينابيعها، واشتدّ انهمار الماء من كلّ جانبٍ حتى أغرق جميع قومه بالطوفان العظيم، قال -تعالى-: (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ* وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ)،[١٤] وأنجى الله -تعالى- نوح -عليه السلام- ومَن معه من هذا الكرب العظيم.[١٣]
المراجع
- ↑ "مكان قوم نوح عليه السلام"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 1/8/2023. بتصرّف.
- ^ أ ب أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 60-61. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية:163
- ^ أ ب سعيد بن مسفر، دروس للشيخ سعيد بن مسفر، صفحة 6، جزء 42. بتصرّف.
- ↑ سورة هود، آية:36
- ↑ سورة الأعراف، آية:60
- ↑ سورة الشعراء، آية:116
- ↑ أحمد حطيبة، تفسير أحمد حطيبة، صفحة 8، جزء 136. بتصرّف.
- ↑ سورة نوح، آية:5-6
- ↑ سورة نوح، آية:26-27
- ↑ الصحاري، الأنساب للصحاري، صفحة 18. بتصرّف.
- ↑ سورة هود، آية:40
- ^ أ ب محمد المقدم، تفسير القرآن الكريم، صفحة 2، جزء 84. بتصرّف.
- ↑ سورة القمر، آية:11-12