معجزة سيدنا نوح عليه السلام
كانت السفينة التي أمر الله -تعالى- سيدنا نوح -عليه السلام- بصناعتها، ونجاته فيها مع الفئة القليلة التي آمنت معه هي المعجزة التي أيده الله -تعالى- بها،[١] فبعد أن دعا سيدنا نوح -عليه السلام- قومه إلى عبادة الله واستمر في دعوته ما يقارب ألف سنة، وبذل جهده في هدايتهم، واستخدم كافة الطرق والأساليب لإقناعهم، ولاقى من قومه ما لاقاه من الأذية والاستكبار والسخرية، وأصرّ قومه على الكفر والضلال، وتيقّن -عليه السلام- بعدم استجابتهم وأنه لا خير فيهم، دعا الله -عزّ وجلّ- عليهم بالهلاك والغضب، فقال -تعالى-: (وقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا* إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّارًا)،[٢][٣] فاستجاب الله له، وأوحى إليه أن يقوم بصناعة السفينة، فقال -تعالى- مخاطباً له: (وَاصنَعِ الفُلكَ بِأَعيُنِنا وَوَحيِنا وَلا تُخاطِبني فِي الَّذينَ ظَلَموا إِنَّهُم مُغرَقونَ)،[٤] فاستجاب -عليه السلام- لأمر الله وبدأ بصناعتها.[٥]
معلومات عن سفينة نوح -عليه السلام-
قصة صناعة نوح -عليه السلام- للسفينة
بدأ سيدنا نوح -عليه السلام- بصناعة السفينة، وصنعها من خلال ألواح من الأخشاب، وثبّت الألواح بالمسامير، وقد عبّر القرآن الكريم به بالدسر، فقال -جلّ وعلا-: (وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ)،[٦] وقد كان قومه كلما يمرّون عليه وهو يصنع السفينة قاموا بالسخرية والاستهزاء به، لصنعها على اليابسة، إلا أنه -عليه السلام- لم يكترث لهم، فقال -تعالى-: (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ ۚ قَالَ إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ* فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ)،[٧]وبعد أن انتهى نوح -عليه السلام- من صناعة السفينة حمّل فيها المؤمنين الذين استجابوا لدعوته من قومه، ومن كل حيوان وطير ومن سائر الكائنات زوجين اثنين، ذكراً وأنثى، استجابة لأمر الله -تعالى-.[٨][٩]
فصعدوا جميعاً في السفينة، قال -تعالى-: (حَتّى إِذا جاءَ أَمرُنا وَفارَ التَّنّورُ قُلنَا احمِل فيها مِن كُلٍّ زَوجَينِ اثنَينِ وَأَهلَكَ إِلّا مَن سَبَقَ عَلَيهِ القَولُ وَمَن آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلّا قَليلٌ)،[١٠] فحلّ وعد الله وجاء وقت هلاك المكذبين، فأمطرت السماء ماءً غزيراً، وتفجّرت عيون ماء من الأرض بأمرٍ من الله، فارتفع الماء عن الأرض، فعمّ الطوفان، وامتلأ كل شيء بالماء، إلا السفينة ومن على ظهرها، ثم أمر الله -تعالى- السماء أن تتوقف عن المطر، وأمر الأرض أن تبتلع الماء الذي عليها، ونقص الماء، واستقرّت السفينة، فنجا الله نوحاً والمؤمنين الذين معه، وأغرق الكافرين المستكبرين،[٩] قال -تعالى-: (فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ).[١١][٨]
مكان استقرار سفينة نوح -عليه السلام-
استقرت سفينة سيدنا نوح -عليه السلام- بعد أن نجّى الله من عليها من الطوفان على جبل يسمى الجوديّ؛ حيث أشار القرآن الكريم إلى اسمه في قوله -تعالى-: (وَقيلَ يا أَرضُ ابلَعي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقلِعي وَغيضَ الماءُ وَقُضِيَ الأَمرُ وَاستَوَت عَلَى الجودِيِّ وَقيلَ بُعدًا لِلقَومِ الظّالِمينَ)،[١٢]
وهو يقع في العراق على الجنوب الشرقي من دجلة، وقيل أنه يقع في منطقة من مناطق تركيا.[١٣]
صفات سفينة نوح عليه السلام-
لم يرد نصوص صحيحة في الشريعة الإسلامية تحدثت عن صفات السفينة التي صنعها نوح -عليه السلام-، إلا أن أهل العلم أشاروا إلى عدم كونها كالسفن العادية، إذا إنها لم تغرق من الطوفان العظيم الذي حصل، ونجت من بين الأمواج العالية، فكانت معجزة لأهل الأرض، وآية يعتبر بها،[١٤] ومما تجدر الإشارة إليه أن سفينة نوح -عليه السلام- هي أول سفينة تم صناعتها في التاريخ، وأول سفينة أبحرت في رحلة بحرية طويلة مليئة بالمخاطر.[١٥]
المراجع
- ↑ ابن كثير، معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، صفحة 385. بتصرّف.
- ↑ سورة نوح، آية:26-27
- ↑ وهبة الزحيلي، التفسير الوسيط للزحيلي، صفحة 2742. بتصرّف.
- ↑ سورة هود، آية:37
- ↑ شعبان مصطفى قزامل، نوح عليه السلام، صفحة 4-6. بتصرّف.
- ↑ سورة نوح، آية:13
- ↑ سورة هود، آية:38-39
- ^ أ ب أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 63-65. بتصرّف.
- ^ أ ب أحمد حطيبة، تفسير أحمد حطيبة، صفحة 4-6. بتصرّف.
- ↑ سورة هود، آية:40
- ↑ سورة العنكبوت، آية:15
- ↑ سورة هود، آية:44
- ↑ صالح المغامسي، القطوف الدانية، صفحة 23. بتصرّف.
- ↑ "سفينة نوح آية ومعجزة لا يقاس أمرها بالعقل المجرد"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 31/10/2022. بتصرّف.
- ↑ وهبة الزحيلي، التفسير الوسيط للزحيلي، صفحة 1043. بتصرّف.