معجزة سيدنا صالح عليه السلام

أرسل الله -تعالى- نبيّه صالح -عليه السلام- إلى قوم ثمود، وآتاه النّاقة آيةً لهم، فكانت معجزةً دالَّةً على صدق دعوته ونبوّته، قال -تعالى- على لسان نبيّه صالح: (وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ...)،[١] وقد أضافها الله -تعالى- إلى نفسه إضافة تشريف.[٢]


ولم يرد في القرآن الكريم التفاصيل المتعلّقة بكيفية خروج الناقة، بل أخبرنا الله -سبحانه- عن معجزة صالح -عليه السلام- على سبيل الإجمال، ولم ترد الأحاديث بتفصيل ذلك أيضاً، بل كلّ ما نعلمه هو أنّ هذه النّاقة كانت آيةً لقوم ثمود، وأنّ صالح -عليه السلام- حذّرهم من قتلها، ولكنّهم لم يلتزموا بذلك وحلّ عليهم العذاب، وسيأتي تفصيل ذلك لاحقاً في المقال.[٣]


وقد ذكر أهل التفسير في كتبهم العديد من المعلومات المتعلقة بمعجزة سيدنا صالح، فأشاروا إلى أنّها قد خرجت من صخرةٍ عظيمة تقع في ناحية الحِجر، إذْ طلب قوم صالح -عليه السلام- أن يُخرج نبيّهم ناقةً من صخرة بصفاتٍ معيّنة حتى يُصدّقوا رسالته وأنّه نبيٌّ من الله، فلمّا دعا صالح -عليه السلام- ربّه أمر الصخرة أن تنشقّ عن ناقةٍ عظمةٍ على الوجه الذي طلبوه، فكانت الناقة أمامهم آيةً من آيات الله -سبحانه-.[٤]


دعوة صالح عليه السلام لقومه

قوم ثمود هم أوّل الأقوام بعد قوم عاد، وقد كانت لهم قصور عظيمة، ومنازل ضخمة، وبساتين وجنَّاتٍ وعيون، وكانوا ملوكاً في زمانكم، ولهم مكانتهم بين الناس، ورغم ذلك كانوا قوماً مفسدين في الأرض، ولم يشكروا نِعم الله -تعالى- عليهم، بل أشركوا به -سبحانه-، وعبدوا الأصنام.[٥]


فأرسل الله -عز وجل- لهم نبيّه صالح -عليه السلام- يدعوهم إلى عبادة الله وحده، وترك عبادة الأصنام، قال -تعالى-: (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ)،[٦] وأراهم آيةً من آيات الله، وهي الناقة، وأمرهم أن لا يمسّوها بسوءٍ حتى لا يحلّ عليهم العذاب.[٥]


ردّة فعل قوم صالح تِجاه معجزته

لم يؤمن قوم صالح -عليه السلام- بدعوته، بل كذّبوه ولم يفعلوا ما أمرهم نبيّهم به، إذ اتّفقوا جميعاً على قتل النّاقة، قال -تعالى-: (فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ)؛[٧] أي نادوا واحداً منهم ليُنفِّذ المهمة نيابةً عن الجميع، فتناول النّاقة وقتلها، قال -تعالى-: (فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ).[٨]


وبعد ثلاثة أيامٍ نزل بهم عذاب الله -سبحانه-، حيث أخذتهم الصيحة فأصبحوا جميعهم كالشجر المتكسّر واليابس، قال -تعالى-: (إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ)؛[٩] أي أصبحوا كالحشيش اليابس الذي يجمعه الراعي لأغنامه في الشتاء، وهذا يدلّ على شدّة العذاب الذي نزل بهم، حيث أفناهم وأبادهم عن آخرهم، فهلكوا ولم يبق منهم أحد.[١٠]

المراجع

  1. سورة الأعراف، آية:73
  2. مصطفى العدوي، سلسلة التفسير، صفحة 12، جزء 76. بتصرّف.
  3. صلاح الخالدي، القرآن ونقض مطاعن الرهبان، صفحة 487-488، جزء 1. بتصرّف.
  4. "الصخرة التي خرجت منها ناقة صالح"، الإعجاز العلمي في القرآن، اطّلع عليه بتاريخ 12/3/2023. بتصرّف.
  5. ^ أ ب أبو بكر محمد زكريا، الشرك في القديم والحديث، صفحة 251-253، جزء 1. بتصرّف.
  6. سورة هود، آية:61
  7. سورة القمر، آية:29
  8. سورة هود، آية:65
  9. سورة القمر، آية:31
  10. محمد المقدم، تفسير القرآن الكريم، صفحة 11، جزء 148. بتصرّف.