أنزل الله -سبحانه وتعالى- على أنبيائه ورسله -عليهم السلام- كتبًا سماويَّةً؛ لتبيّن للأمم والأقوام التي أُنزلت عليهم شرائعهم، أو تعظهم للآداب والأخلاق التي يجب عليهم تمثّلها، ولم يُعرف من الكتب السماويَّة إلا ما جاء القرآن الكريم على ذكرها، وهي خمسةٌ، آخرها وخاتمها: القرآن الكريم، وأمّا الكتاب الذي أُنزل على نبيّ الله داود، فهو: الزبور،[١] وآتيًا تفصيلٌ عنه.
الزبور: الكتاب الذي أُنزل على داود
تعريفٌ بالزبور
الزبور هو كتاب الله -تعالى- الذي أوحى به وأنزله على نبيّه داود -عليه السلام-،[٢] وقد بُعث داود -عليه السلام- إلى بني إسرائيل، واحتوى الزبور على مئةٍ وخمسين سورةً -كما نقل القرطبيّ-، ولم تتضمّن هذه السور تشريعاتٍ أو أحكامًا من حلالٍ وحرامٍ، وإنّما تضمّنت جملةً من الحكم والمواعظ،[٣] والواجب على المسلمين أن يؤمنوا بأنّ الزبور كتابٌ من الكتب السماويَّة، وأنّه الكتاب الذي نزل على داود -عليه السلام-، بشهادة القرآن الكريم، والإيمان بالكتب السماويّة ركنٌ من أركان الإيمان.[١]
ذكر الزبور في القرآن
جاء القرآن الكريم على ذكر الزبور، وأنّ الله -تعالى- أنزله على نبيّه داود في عددٍ من آياته،[٤] وهي:
- قول الله تعالى: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا).[٥]
- قول الله تعالى: (وَرَبُّكَ أَعلَمُ بِمَن فِي السَّماواتِ وَالأَرضِ وَلَقَد فَضَّلنا بَعضَ النَّبِيّينَ عَلى بَعضٍ وَآتَينا داوودَ زَبورًا).[٦]
- قول الله تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ).[٧]
تلاوة داود -عليه السلام- للزبور
أنعم الله -تعالى- على نبيه داود -عليه السلام- بصوتٍ نديٍّ حسنٍ؛ فكان يقرأ الزبور بصوته الحسن، فتسمعه الجبال والطيّر، وتسبّح لتسبيحه، ومن ذلك قول الله تعالى: (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ* إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ* وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ)،[٨] وقوله تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ)،[٩] وقد أُوتي -عليه السلام- سرعةً في قراءة الزبور؛ حيث رُوي عنه -عليه السلام- أنّه كان يُرسل دوبه للرعي، وينشغل بقراءة الزبور، فينتهي من قراءته مع فراغ دوابه من الرعي.[١٠]
ومن الأمور التي تدلّل على جمال صوت داود -عليه السلام- في تلاوته للزبور؛ أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام حين امتدح جمال صوت أبي موسى الأشعريّ -رضي الله عنه-، فشبّه جمال صوته بجمال صوت داود -عليه السلام-، كما جاء في الحديث الذي رواه أبو موسى الأشعريّ -رضي الله عنه-، أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال له: (يا أبا مُوسَى لقَدْ أُوتِيتَ مِزْمارًا مِن مَزامِيرِ آلِ داوُدَ).[١١][١٢]
الكتب السماويّة
إنّ الإيمان بالكتب السماويّة التي جاء القرآن الكريم على ذكر أسمائها، ومن أُنزلت عليه من الأنبياء، ركنٌ من أركان الإيمان؛ أي أنّه واجبٌ على كلّ مسلمٍ، والكتب السماويّة المذكورة في القرآن الكريم -غير القرآن الكريم والزبور- هي:[١]
- التوراة: أنزلها الله -تعالى- على موسى -عليه السلام-.
- الإنجيل: أنزله الله -تعالى- على عيسى -عليه السلام-.
- صحف إبراهيم: أنزلها الله -تعالى- على نبيّه إبراهيم -عليه السلام-.
المراجع
- ^ أ ب ت محمد بن إبراهيم التويجري، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة، صفحة 71. بتصرّف.
- ↑ سورة ص، آية:17-19
- ↑ "الزبور: على من أنزل ولمن أنزل؟"، إسلام ويب، 7/10/2002، اطّلع عليه بتاريخ 3/10/2022. بتصرّف.
- ↑ أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 404-406. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية:163
- ↑ سورة الإسراء، آية:55
- ↑ سورة الأنبياء، آية:105
- ↑ سورة ص، آية:17-19
- ↑ سورة سبأ، آية:10
- ↑ ابن كثير، معجزات النبي، صفحة 445. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم:5048، حديث صحيح.
- ↑ "شرح حديث: لقد أُوتيت مزمارًا من مزامير آل داود"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 3/10/2022. بتصرّف.