المعجزة هي أمرٌ خارقٌ للعادة يجريه الله -تعالى- على يد أنبيائه ورسله -عليه السلام-؛ لتكون دليلًا على صدقهم وصدق دعوتهم، ولا يمكن لأحدٍ من الناس الإتيان بمثله؛ لذا سمّيت معجزةً؛ لعجز وضعف قدرة الناس عن الإتيان بمثلها، وأطلق على المعجزة في مواطن من القرآن الكريم اسم: الآية، والبرهان، والبينة، وقد أيّد الله -تعالى- أنبياءه ورسله -عليهم السلام- بالمعجزات،[١] وجاء القرآن الكريم على ذكر عددٍ منها، وفيما يأتي حديثٌ عن معجزات نبي الله داود -عليه السلام-.


معجزات داود عليه السلام

كان داود -عليه السلام- نبَّيًا لبني إسرائيل وقائدًا وملكًا عليهم، وأيّده الله -تعالى- بجملةٍ من المعجزات التي تؤكّد صدق نبّوته وتقوّي ملكه،[٢] وفيما يأتي ذكرٌ لهذه المعجزات.


تسبيح الجبال والطير معه

سخّر الله -سبحانه وتعالى- لداود -عليه السلام- الطير والجبال تسبّح معه، قال الله -تعالى-: (إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ* وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ)،[٣] وقال -سبحانه وتعالى- في سورة سبأ: (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ)،[٤][٥] وأوّبي معه؛ أي سبّحي معه، وقد أكرم الله -تعالى- داود -عليه السلام- بالصوت الجميل؛ فكان يقرأ الزبور -وهو الكتاب الذي أُنزل عليه- بصوتٍ نديٍّ فتقف الطير تستمع له، وتجيبه وتسبّح معه، كما كانت الجبال تسبّح معه كذلك.[٢]


إلانة الحديد له

حيث كان الحديد يسيل في يدي داود -عليه السلام-، فيشكّله ويصنع منه دروعًا بدقَّةٍ وإتقانٍ، وذلك كما ورد في قول الله -تعالى-: (وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ* أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)،[٦] وفي قوله تعالى: (وَعَلَّمناهُ صَنعَةَ لَبوسٍ لَكُم لِتُحصِنَكُم مِن بَأسِكُم فَهَل أَنتُم شاكِرونَ)،[٧] وصنعة لبوسٍ؛ أي صناعة الدروع التي يلبسها المقاتلون في الحرب؛ فيقيهم ويحميهم.[٢]


النعم التي وهبها الله لداود

أكرم الله -تعالى- على نبيّه داود -عليه السلام- علاوةً على المعجزات التي أيّده بها بنعمٍ عديدةٍ جاءت النصوص الشرعية على ذكرها، وفيما يأتي تعدادٌ لأبرز هذه النعم:[٨]

  • المُلك والحكم: فقد أكرم الله -تعالى- داود -عليه السلام- بأن جعله ملكًا على بني إسرائيل، وتميّز حكمه بالعدل، قال الله تعالى: (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ).[٩]
  • العلم والحكمة: أكرم الله -تعالى- داود -عليه السلام- بأن أعطاه العلم والحكمة، وهي وضع الأمور في مواضعها، وإعطاء كلّ شيءٍ حقّه وقدره، قال تعالى: (وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ).[١٠]
  • القوّة والشجاعة: فقد أكرم الله -تعالى- داود -عليه السلام- بقوّة الجسد، وشجاعة النفس والقلب، ومن ذلك أنّه قاتل ضدّ أعداء بني إسرائيل؛ فهزمهم وقتل قائدهم جالوت.
  • كثرة الإنابة لله: كان داود -عليه السلام- كثير الإنابة والرجوع الله -تعالى-، وقد وصفه -سبحانه وتعالى- بقوله: (وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ).[١١]

المراجع

  1. فهد الرومي، دراسات في علوم القرآن، صفحة 257-259. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 405-408. بتصرّف.
  3. سورة ص، آية:17-18
  4. سورة سبأ، آية:10
  5. ابن كثير، معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، صفحة 445.
  6. سورة سبأ، آية:10-11
  7. سورة الأنبياء، آية:80
  8. عبد الستار المرسومي (22/4/2015)، "داود عليه السلام .. النبي القائد"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 4/9/2022. بتصرّف.
  9. سورة ص، آية:26
  10. سورة ص، آية:20
  11. سورة ص، آية:30