كم عاش يحيى عليه السلام؟
بدايةً لم تذكر المصادر الموثوقة من كتب السير والتاريخ عمر النبي يحيى -عليه السلام- عندما توفاه الله -تعالى-، وكل ما ذُكر في ذلك كان أنّه عمّر طويلاً؛ لأنّ الله سمّاه يحيى على رأي بعض المؤرخين،[١] وقيل إنّه توفي صغيراً؛ لأنّ اسمه يحيى دلّ على موته شهيداً، فالشهداء أحياء عند ربهم يرزقون.[٢]
إضافةً إلى ما ذكر عن قتله واستشهاده؛ فقد رُوي أنّ ملكاً ظالماً كان في ذلك الزمان أراد الزواج بامرأة لا تحلّ له، فلمّا أنكر عليه يحيى -عليه السلام- فعله هذا، بعث له من يقتله وهو يصلي في المحراب، وقيل قتلته ذات المرأة التي مُنعت من الزواج، فقد كانت مشتهرة بقتل الصالحين من الرجال.[٣]
وقد دُفن بدمشق في المسجد الأمويّ على رأي جمعٍ من أهل السير والتراجم، كما نُقل عن ابن عساكر أنّه رأى يحيى -عليه السلام- لمّا أرادوا بناء المسجد فوق قبره كأنّه قُتل البارحة،[٤] ولا يُعلم مدى دقة هذه المرويات أو صدقها من عدمه، فلا يُجزم بها في شيء -والله تعالى أعلم-.
النبي يحيى عليه السلام
أكرم الله -سبحانه- النبي زكريا -عليه السلام- بابنه يحيى بعدما كبر في العمر، وشاب شعره، وبلغت زوجته من العمر مبلغاً، وقد كانت عاقراً؛ قال -تعالى- في بشرى زكريا -عليه السلام-: (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا).[٥][٦]
وقد ذكر أهل العلم أنّ يحيى -عليه السلام- هو ابن خالة النبي عيسى، وقيل ابن خالة أمه؛ استدلالاً بحديث الإسراء والمعراج؛ فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا يَحْيَى وعِيسَى وهُما ابْنَا خَالَةٍ، قالَ: هذا يَحْيَى وعِيسَى فَسَلِّمْ عليهمَا، فَسَلَّمْتُ فَرَدَّا، ثُمَّ قالَا: مَرْحَبًا بالأخِ الصَّالِحِ والنبيِّ الصَّالِح).[٧][٨]
صفات النبي يحيى عليه السلام
ذكرت بعد المصادر صفات النبي يحيى -عليه السلام-، استدلالاً بالآيات القرآنية الكريمة الواردة في ذلك، ويمكن بيان هذه الصفات على النحو الآتي:[٩]
- مصدّقاً بكلمة من الله؛ حيث ذهب جمهور المفسرين إلى أنّ المقصود بذلك تصديقه بعيسى -عليه السلام-، فقد كان أول من يُصّدقه، ويُؤمن بنبوته؛ وذلك لأنّ الله -سبحانه- وصف عيسى ابن مريم -عليهما السلام- بكونه كلمة منه -سبحانه- في عدد من الآيات القرآنية.
- سيّداً؛ أيّ أنّه كان يسود قومه ويحكمهم، بالإضافة إلى أنّه يفوق غيره في الشرف والتقوى وعفة النفس.
- حصوراً؛ أيّ أنّه كان يصون نفسه عن الشهوات، حابساً لها عن الفواحش، وذلك بمجاهدة نفسه.
- نبيّاً من الصالحين؛ وكل هذه الصفات سابقة الذكر جاءت في قوله -تعالى-: وقال -تعالى-: (فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ).[١٠]
- الحكمة والفهم، والجدّ والعزم؛ بدلالة قوله -تعالى-: (وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً)،[١١] حتى كان مختلفاً عن أقرانه منذ الصغر.[١٢]
المراجع
- ↑ أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 464. بتصرّف.
- ↑ صالح المغامسي، تأملات قرآنية، صفحة 21، جزء 10. بتصرّف.
- ↑ النويري، شهاب الدين، نهاية الأرب في فنون الأدب، صفحة 204، جزء 14. بتصرّف.
- ↑ أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 465. بتصرّف.
- ↑ سورة مريم، آية:7
- ↑ محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 130، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن مالك بن صعصعة الأنصاري، الصفحة أو الرقم:3430، صحيح.
- ↑ محمد علي الصابوني، مختصر تفسير ابن كثير، صفحة 443، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ محمد سيد طنطاوي، التفسير الوسيط لطنطاوي، صفحة 95-97، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية:39
- ↑ سورة مريم، آية:12
- ↑ أبو المنذر المنياوي، الجموع البهية للعقيدة السلفية، صفحة 538، جزء 2. بتصرّف.