بعث الله تعالى الرسل والأنبياء عليهم السلام؛ لدعوة الناس إلى التوحيد وعبادة الله تعالى، ولم تخلُ أمّةٍ من الأمم أو قومٌ من الأقوام من نبيٍّ أو رسولٍ يدعوهم وينذرهم، قال الله تعالى: (وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ)،[١] ومن بين أنبياء الله تعالى ورسله: نبيّ الله نوح عليه السلام، وتاليًا حديثٌ عن عصره ودعوته.
عصر النبي نوح عليه السلام
نوح -عليه السلام- هو: نُوحُ بْنُ لَامَكَ بْنِ مَتُّوشَلَخَ بْنِ خنوخ، وهو إدريس بن يرد بن مهلاييل بن قينن بن أنوش ابن شِيثَ بْنِ آدَمَ أَبِي الْبَشَر عليه السلام، وقد كان بين مولد نوح وموت آدم -عليهما السلام- عشرة قرون كما ذكر ابن حبّان في صحيحه،[٢] وبعد موت آدم -عليه السلام-استمر الناس على التوحيد، وبعد مُضي عشرة قرون انحرف الناس عن الطريق، وأخذوا يعبدون أصناماً من دون الله، وقد ذكرها الله -سبحانه وتعالى- في مُحكم تنزيله فقال تعالى: (وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا)،[٣] وقد ذكر الإمام البخاري أنَّ ودًا، وسواعًا، ويغوث، ويعوق، ونسرًا أسماء رجالٍ صالحين بين كانوا بين آدم ونوح عليهما السلام، وكان لهم أتباعٌ يقتدون بهم، فلمّا ماتوا صنع قومهم أصنامًا لهم وعبدوهم من دون الله.[٤]
وقد كان من قوم نوحٍ -عليه السلام- أغنياء تمتّعوا بمستوى فكريّ عالٍ، وكانوا على منزلةٍ مرموقةٍ في الحوار والجدال، وقد ظنّوا أنّهم أعلى من الفقراء شأنًا ومقامًا، ولم يخلُ مجتمع نوحٍ -عليه السلام- من الفقراء الذين كانوا يعملون في خدمة الأغنياء، وقد سارعوا إلى دعوة نوحٍ -عليه السلام- هربًا من الحال التي وقعوا فيها، وبحثًا عن سبيلٍ للنجاة والخلاص، وقد كان قوم نوحٍ أهل حضارةٍ؛ لأنّ الله تعالى هيأ لهم سبل الفلاح والعمارة للأرض، فصيّرَ لهم الأرض بساطًا؛ ليسلكوا منها الطرق، وعملوا بالزراعة والتجارة، وصنعوا التماثيل وباعاوها، وعبدوها من دون الله.[٤]
دعوة نوح عليه السلام
أرسل الله -عزّ وجلّ- نبيه نوح -عليه السلام- لدعوة الناس إلى توحيد الله تعالى وعبادته وحده، قال الله تعالى: (وَلَقَد أَرسَلنا نوحًا إِلى قَومِهِ إِنّي لَكُم نَذيرٌ مُبينٌ* أَن لا تَعبُدوا إِلَّا اللَّـهَ إِنّي أَخافُ عَلَيكُم عَذابَ يَومٍ أَليمٍ)،[٥] واستمر نوحٌ -عليه السلام- بدعوة قومه قرابة ألف سنةٍ، ولم يؤمن معه إلا قليلٌ، قال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا)،[٦] وبعدها أمره الله -سبحانه وتعالى- بأن يصنع السفينة؛ لأنّ هلاك قومه سيكون بواسطة طوفان يغرقهم به وينجي المؤمنين، وأمره الله بعد أن فرغ من تمام صُنعها بأن يحمل معه من آمن ويترك الذين لم يأمنوا، قال الله تعالى: (فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ)،[٧] فتحرّكت السفينة في الأمواج المتلاطمة، وأغرق الله -عزّ وجلّ- بالطوفان الذين عصوا أمره وتنكروا لدعوة نوح عليه السلام.[٨]
المراجع
- ↑ سورة فاطر، آية:24
- ↑ ابن كثير، كتاب البداية والنهاية ط الفكر، صفحة 100-101. بتصرّف.
- ↑ سورة نوح، آية:23
- ^ أ ب أحمد أحمد غلوش، كتاب دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 60-61. بتصرّف.
- ↑ سورة هود، آية:25-26
- ↑ سورة العنكبوت، آية:14
- ↑ سورة المؤمنون، آية:27
- ↑ أبو إيهاب (6/4/2015)، "قصة نوح عليه السلام"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 16/9/2021. بتصرّف.