مكان ضريح النبي أيوب عليه السلام

لم يثبت مكان قبر النبي أيوب -عليه السلام-، وقد جاء في معجم البلدان أنّ مكان قبره موجود في قريةٍ بحوران في نواحي دمشق،[١] ولكن ذلك لا دليل ثابتٍ عليه، ونذكر من أقوال أهل العلم ما يؤيّد ذلك فيما يأتي:

  • قال ابن تيمية -رحمه الله-: "وَلَيْسَ فِي الْأَرْضِ قَبْرٌ اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى أَنَّهُ قَبْرُ نَبِيٍّ غَيْرَ قَبْرِهِ"،[٢] يعني: قبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.


  • قال ابن باز -رحمه الله-: "جميع قبور الأنبياء لا تُعرف ما عدا قبر نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- في المدينة، وقبر إبراهيم في الخليل، وما سوى ذلك فهو غير معروف عند أهل العلم، ولا يصدّق من قال ذلك، لا قبر أيوب، ولا غير أيوب -عليه الصلاة والسلام-".[٣]


ويرى ابن تيمية -رحمه الله- أنّ معرفة مكان قبور الأنبياء بعينه ليس فيه فائدة شرعية، ولا يُبنى عليها حكمٌ ديني مهم، وليس حفظه من الدين، ولو كان كذلك لحفظه الله -تعالى- لنا كما حفظ الدين، كما أنّ السلام عليهم وإحياء ذكرهم أمرٌ ممكنٌ وإن لم يُعلم مكان قبورهم،[٤] وما يذكره بعض الناس من تحديد مكان قبر النبي أيوب -عليه السلام- لا دليل ثابتٍ عليه.[٥]


مكان نبع ماء النبي أيوب عليه السلام

اشتهر بين العديد من النّاس أن نبع الماء التي اغتسل منها النبي أيوب -عليه السلام- موجودةٌ في مصر بسيْناء، وقد سُئل جمعٌ من أهل العلم عن حكم الذهاب إليها والاستشفاء بالماء الموجود فيها، فأجابوا: "لا صحة لذلك، ولم يعلم المحل الذي اغتسل فيه أيوب، فلا يجوز أن تذهب إلى ما زعم أنه بئر أيوب".[٦]


كما أنّ الشرب من هذا النبع بنيّة الشفاء لا يجوز، فلم يثبت شرعاً وجود فضيلةٍ لهذا الماء عن غيره، وإنّما ثبت ذلك في ماء زمزم، وبناءً على ذلك لا يجوز اعتقاد وجود البركة والشفاء في هذه البقعة، ولو افترضنا أنّ الماء هنا هي مغتسل النبي أيوب -عليه السلام- حقاً، فلا يمكن لأحدٍ أن يُثبت أنّ الماء فيه استمرّ جريناه من ذلك الزمان إلى وقتنا الحالي.[٥]


ولا يُمكن كذلك لأحدٍ أن يُثبت بقاء أثر النبي أيوب -عليه السلام- في هذه الماء وقد تطاول عليها آلاف السنوات، فضلاً عن عدم وجود دليلٍ شرعيٍّ على ذلك، فكيف إذا أُضيف إلى القدوم لهذا المكان بعض المخالفات الشرعية المنهيّ عنها في الدين، كشدّ الرحال إلى هذه البقعة والاستشفاء بالماء فيها واعتقاد بركتها والتوسّل إلى الله بذلك.[٥]


قصة النبي أيوب عليه السلام

أيوب -عليه السلام- نبيٌّ من أنبياء الله -تعالى-، دَعا قومه إلى الإيمان بالله وترك الذنوب والمعاصي، وذُكر في القرآن الكريم أنّه ابتلي بالمرض، وظلّ على ذلك الحال فترةً طويلة حتى رفع يديه مناجياً الله -سبحانه- وطالباً منه أن يشفيه ممّا أُصيب به.[٧]


قال -تعالى-: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ)،[٨] فكشف الله عنه ذلك المرض، حيث أمره أن يشرب من ماءٍ معيَّنةٍ ويغتسل منها، فعاد بعد ذلك معافى بإذن الله، قال -تعالى-: (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ).[٩][٧]

المراجع

  1. ياقوت الحموي، معجم البلدان، صفحة 499، جزء 2. بتصرّف.
  2. ابن تيمية، مجموع الفتاوى، صفحة 116، جزء 27.
  3. "هل يعرف قبرا أيوب وعمران عليهما السلام؟ وحكم زيارتهما"، الموقع الرسمي للشيخ ابن باز.
  4. ابن تيمية، مجموع الفتاوى، صفحة 444، جزء 27. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت "حكم الاغتسال والاستشفاء بنبع الماء المنسوب لنبي الله أيوب"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 4/9/2023. بتصرّف.
  6. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، فتاوى اللجنة الدائمة، صفحة 95، جزء 3. بتصرّف.
  7. ^ أ ب أسامة سليمان، دروس الشيخ أسامة سليمان، صفحة 9، جزء 14. بتصرّف.
  8. سورة الأنبياء، آية:83-84
  9. سورة ص، آية:42