صلة القرابة بين سيدنا إبراهيم وسيدنا لوط

قرابة النسب

تذكر العديد من المصادر أنّ سيدنا لوط هو ابن أخي سيدنا إبراهيم -عليهما السلام-؛ فسيدنا لوط هو ابن هارون بن تارح -آزر-، والخليل إبراهيم هو أخو هارون، وله كذلك أخاً آخر يُدعى ناحور حسب ما جاء في كتب الأنساب والتاريخ؛ ودلالة ذلك ما صحّ عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنّه قال: (ولوطٌ النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- كانَ ابنَ أخي إبْراهيمَ الخَليلِ -عليه السَّلامُ-).[١][٢]


وبناءً على ما تقدم يكون سيدنا إبراهيم -عليه السلام- عمّ النبي لوط -عليه السلام-، ويكون آزر والد الخليل إبراهيم -عليه السلام- جدّ النبي لوط -عليه السلام-، والذي ورد ذكره في القرآن الكريم في قوله -تعالى-: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً ۖ إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ).[٣][٤]


قرابة الإيمان والدعوة

ذكر بعض المؤلفين أنّ قرابة النسب بين سيدنا إبراهيم وسيدنا لوط -عليهما السلام- ليس لها كبير الأثر بقدر قرابة الإيمان والدعوة؛ وهذه القرابة موثّقة لا تنقصم أبداً، إذ إنّ سيدنا لوط -عليه السلام- كان ممن استجاب وآمن بدعوة الخليل إبراهيم -عليه السلام-؛ يقول -تعالى-: (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ ۘ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّي ۖ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).[٥][٦]


وقد أورد ابن الجوزيّ في كتابه له أنّ سيدنا لوط -عليه السلام- كان قد أُسر على يد الروم؛ فغزاهم الخليل إبراهيم -عليه السلام- حتى استنقذه منهم، ثم هاجر سيدنا لوط مع الخليل -عليهما السلام-، فنزل الخليل إبراهيم -عليه السلام- بفلسطين، ونزل سيدنا لوط -عليه السلام- الأردن؛ فأرسل إلى أهل سدوم.[٧]


بشرى الملائكة وإنذارها في قصة النبيين الكريمين

أخبر القرآن الكريم عن قصة الملائكة الكرام التي جاءت تُبشّر إبراهيم -عليه السلام- بابنه إسحاق، والتي جاءت أيضاً تُنذر بالعذاب الذي سيحقّ بقوم سيدنا لوط -عليه السلام- فقال -تعالى-: (وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَىٰ قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ ۖ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ* قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا ۚ قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا ۖ لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ).[٨][٩]


وقال -تعالى-: (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَىٰ يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ* إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ* يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَٰذَا ۖ إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ ۖ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ)؛[١٠]وفي هذه الآيات الكريمة يتضحّ أنّ سيدنا إبراهيم -عليه السلام- جادل الملائكة الكرام في شأن قوم لوط -عليه السلام-، حزناً وخوفاً عليه، وعلى المؤمنين معه.[٩]


حيث جاء عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنّ سيدنا إبراهيم -عليه السلام- سئل الملائكة الكرام؛ إن كانوا قد وجدوا عشرة بيوت من المسلمين ليتركوهم ولا يُوقعوا العذاب بهم؛ فقالت الملائكة إنّهم لم يجدوا حتى بيتين؛ وأنّهم أعلم بمن فيها من المؤمنين مع سيدنا لوط -عليه السلام-، وأنّ العذاب قد وقع فيهم لا محالة، فلا تنفعهم الشفاعة في هذا الوقت.[٩]

المراجع

  1. رواه الحاكم، في المستدرك على الصحيحين، عن عكرمة، الصفحة أو الرقم:4102، إسناده صحيح.
  2. عبد الإله بن عبد الله السعيدي، قصة الحياة، صفحة 43. بتصرّف.
  3. سورة الأنعام، آية:74
  4. أبو البركات النسفي، تفسير النسفي مدارك التنزيل وحقائق التأويل، صفحة 515، جزء 1. بتصرّف.
  5. سورة العنكبوت، آية:26
  6. عبد الكريم يونس الخطيب، التفسير القرآني للقرآن، صفحة 425، جزء 10. بتصرّف.
  7. سبط ابن الجوزي، مرآة الزمان في تواريخ الأعيان، صفحة 438، جزء 1. بتصرّف.
  8. سورة العنكبوت، آية:31-32
  9. ^ أ ب ت فيصل آل مبارك، توفيق الرحمن في دروس القرآن، صفحة 411، جزء 3. بتصرّف.
  10. سورة هود، آية:74-76