هل النبي إبراهيم عربي؟

تعددت آراء أهل العلم في هذه المسألة؛ فمنهم من قال بأنّ النبي إبراهيم -عليه السلام- من الأنبياء العرب، ومنهم من قال بأنّه ليس من الأنبياء العرب؛ ونستعرض ذلك فيما يأتي:


القول الأول

عدّ بعض أهل العلم الأنبياء العرب -عليهم الصلاة والسلام-، وقالوا بأنّهم خمسة أنبياء، ولم يذكروا من بينهم إبراهيم -عليه السلام-؛ فقد عدّوه من العبرانيين؛ ومن ذلك ما ذكره ابن قتيبة في كتابه المعارف؛ أن الأنبياء العبرانيين -عليهم السلام- خمسة أنبياء؛ وهم: آدم وشيث وإدريس ونوح وإبراهيم -عليهم صلوات الله جميعاً-، أمّا الأنبياء العرب -عليهم السلام- فهم خمسة أنبياء: هود وصالح، وشعيب، وإسماعيل ومحمد -عليهم صلوات الله جميعاً-.[١]


القول الثاني

ذهب فريق آخر من أهل العلم إلى القول بتقسيم العرب إلى قسمين اثنين:[٢]

  • العرب العاربة؛ وهم العرب الذين كانوا قبل إسماعيل -عليه السلام-، ومنهم ثلاثة أنبياء، وهم: هود وصالح، وشعيب -عليهم الصلاة والسلام-.
  • العرب المستعربة؛ وهم العرب من ولد نبي الله إسماعيل -عليه السلام-، ومنهم نبيّان اثنان: إسماعيل -عليه السلام-، ومحمد -صلى الله عليه وسلم-.


واستدلوا إلى ما ذهبوا إليه بالحديث الضعيف عن أبي ذر الغفاريّ -رضي الله عنه-، عندما سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن عدد الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-؛ فكان من التفصيل في ذكرهم: (... وأربعةٌ من العربِ: هودٌ وشعيبٌ وصالحٌ ونبيُّكَ يا أبا ذرٍّ...).[٣][٢]


القول الثالث

ذهب بعض المتأخرين من أهل العلم إلى تقسيم العرب إلى قسمين اثنين كما أشرنا سابقاً: العرب العاربة، والعرب المستعربة؛ وعدّوا نبي الله إبراهيم -عليه السلام- من العرب المستعربة، هو وابنه إسماعيل -عليه السلام-، والنبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، كما عدّوا هود وصالح وشعيب -عليهم الصلاة والسلام- من العرب العاربة.[٤]


أول من تكلّم بالعربيّة من الأنبياء

ذكر جمعٌ من أهل العلم أنّ أول من تكلّم بالعربيّة من الأنبياء -صلوات الله عليهم- هو سيدنا آدم -عليه السلام-؛ فقد تكلّم نبي الله آدم بالألسنة كلّها، العربيّة وغيرها؛ وذلك في الجنّة لمّا علّمه الله -سبحانه وتعالى- الأسماء كلّها وأخفاها عن الملائكة؛ والقرآن الكريم يشهد بهذا، د قال -تعالى-: (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ...)،[٥] فاللغات كلّها أسماء، فتكون داخلةً في دلالة الآية الكريمة.[٦]


وبعد سيدنا آدم، كان سيدنا نوح قد تكلّم بالعربيّة، إذ رُوي أنّ جبريل -عليه السلام- ألقاها على لسانه، وألقاها نوح -عليه السلام- على لسان ابنه سام؛[٧] كما قيل إنّ أول من تكلّم العربية البيّنة الفصحية هو إسماعيل -عليه السلام-، فقد اكتسب أصل العربيّة من مخالطته لقبيلة جرهم التي سكنت مكة المكرمة، لمّا ارتحل إليها مع أمّه هاجر -عليها السلام-، ثم ألهمه الله -تعالى- العربيّة الحقّة.[٨]


وتجدر الإشارة إلى أنّ لأهل العلم والتأريخ الكثير من الكلام والمرويات حول هذه المسألة؛ وقد علّق بعضهم: أنّ معرفة أول من نطق بالعربية لا يترتب عليه أيّ أثر في عقيدة المسلم، كما لا يضرّ الجهل بذلك، والأولى عدم الخوض في التفاصيل والأخبار التي لا دليل على ثبوتها.

المراجع

  1. ابن فضل الله العمري، مسالك الأبصار في ممالك الأمصار، صفحة 134-135، جزء 5. بتصرّف.
  2. ^ أ ب عمر سليمان الأشقر، الرسل والرسالات، صفحة 18. بتصرّف.
  3. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم:361، أخرجه في صحيحه وقال السيوطي الصحيح بأنه ضعيف لا صحيح ولا موضوع.
  4. مجموعة من المؤلفين، مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 68، جزء 70. بتصرّف.
  5. سورة البقرة، آية:31
  6. مجموعة من المؤلفين، فتاوى دار الإفتاء المصرية، صفحة 199، جزء 10. بتصرّف.
  7. ابن عادل، اللباب في علوم الكتاب، صفحة 519، جزء 1. بتصرّف.
  8. نور الدين الحلبي، السيرة الحلبية إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون، صفحة 29، جزء 1. بتصرّف.