أم النبي موسى عليه السلام
لقد تعددت أقوال المفسرين والمؤرخين في اسم أم النبي موسى -عليه السلام-؛ إذ نقلوا في مؤلفاتهم مرويات عن أهل الكتاب أنّها كانت تدعى:
وينبغي التنبيه إلى أنّ مثل هذه الرّوايات التي لم يأتِ ما يؤكّدها في الكتاب العزيز أو السنة النبوية؛ يجب التوقف عندها، فلا نصدّقها ولا نكذبها، وما علمنا تناقضه مع أصول وأدلة الشريعة الإسلامية أو لمخالفته للعقل نكذّبه، ومن الجدير بالذكر أنّ أم موسى -عليه السلام- ذُكرت بالقرآن الكريم بصورة مبهمة دون ذكر اسمها؛ فقط أشار إليها القرآن الكريم في غير موضع على أنّها أم النبي موسى -عليه السلام-.
ذكر أم النبي موسى في القرآن الكريم
جاء ذكر أم موسى -عليه السلام- في عدّة مواضع من القرآن الكريم، في معرض الحديث عن قصة سيدنا موسى -عليه السلام-، ونجاته -في طفولته- من آل فرعون، وقصة رضاعه وعودته إلى والدته؛ ويمكن توضيح هذه المواضع على النحو الآتي:
وحي الله تعالى لأم موسى
أوحى الله -سبحانه- إلى أم موسى -عليه السلام- عندما خشيت عليه من القتل، أن ترضعه وتشبعه؛ ثم تضعه في تابوت وتلقيه في البحر؛ قال -تعالى-: (وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ)،[٤] وقال -تعالى-: (إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى* أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي).[٥]
وقد تكلّم أهل العلم في نوع الوحي الذي ألقاه الله -تعالى- لأم النبي موسى -عليه السلام-، فكانت آراؤهم على النحو الآتي:[٦]
- الإلهام؛ حيث قذف الله -تعالى- في قلبها وعقلها فكرة إلقاء موسى -عليه السلام- في البحر، فوقع في نفسها يقيناً بعثها على العمل بما أُلهمت به،[٧] وبهذا قال ابن عباس، واشتهر عند جمعٍ من المفسرين.
- الرؤيا الصالحة؛ حيث رأت في منامها نجاة ابنها من فرعون وجنوده بواسطة البحر، وبه قال الماوردي.
- الوحي بواسطة جبريل -عليه السلام-، وبه قال مقاتل.
حزن أم موسى على ولدها
لمّا زال عن أم موسى -عليه السلام- الخوف والفزع عندما ألقت ابنها في البحر، وتيّقنت من نجاته، وعلمت تبنّي فرعون له؛ أصابها الفرح والسرور حتى كادت تُظهر لآل فرعون أنّه ولدها؛ لكنّ الله -سبحانه- ثبّت قلبها وطمأنها بوعده لها -سبحانه-؛ قال -تعالى-: (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغًا ۖ إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)،[٨] وهذا المعنى هو ما رجّحه جمهور المفسرين.[٩]
إرضاع أم موسى لولدها
ردّ الله -سبحانه- موسى -عليه السلام- إلى أمه؛ حيث حرّم عليه -سبحانه- المراضع كلّها، إذ طلبت امرأة فرعون لموسى -عليه السلام- المرضعات من بني إسرائيل ليرضعنه، فلم يرضع من واحدة منهن؛ فجاءت أخته وقد تتبعت أثره، وعرضت عليهم أن تدلّهم على من يكفل رضاعته، ويهتمّ بأمره، فسُرّوا بذلك كثيراً.[١٠]
ثم جاءت بهم إلى أمها، وبذلك ردّ الله -تعالى- لأم موسى ولدها قريرة العين؛ قال -سبحانه- في ذلك: (وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ* فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ).[١١][١٠]
المراجع
- ↑ ابن كثير، قصص الأنبياء، صفحة 8، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ عبد الكريم الخضير، شرح مقدمة التفسير من النقاية للسيوطي، صفحة 18، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ ابن حجر العسقلاني، فتح الباري لابن حجر، صفحة 424، جزء 6. بتصرّف.
- ↑ سورة القصص، آية:7
- ↑ سورة طه ، آية:38-39
- ↑ ابن الجوزي، زاد المسير في علم التفسير، صفحة 375، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ ابن عاشور، التحرير والتنوير، صفحة 73، جزء 20. بتصرّف.
- ↑ سورة القصص، آية:10
- ↑ عبير بنت عبد الله النعيم، قواعد الترجيح المتعلقة بالنص عند ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير، صفحة 691. بتصرّف.
- ^ أ ب صديق حسن خان، فتح البيان في مقاصد القرآن، صفحة 95-96، جزء 10. بتصرّف.
- ↑ سورة القصص، آية:12-13