لماذا سمي موسى كليم الله؟

لقد شرّف الله -سبحانه- نبيّه موسى -عليه السلام- بالتكليم المباشر دون واسطة أو وحي، وقد ثبت ذلك في عدّة آيات قرآنية، قال -تعالى-: (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا)،[١] وقال -تعالى-: (إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي)،[٢] لهذا سمّي موسى -عليه السلام- بكليم الله -تعالى-.[٣]


كما ثبت في السنة النبويّة أنّ موسى -عليه السلام- هو كليم الله -تعالى-؛ وذلك في حديث الشفاعة عندما ينهال الناس على أنبياء الله -صلوات الله عليهم-؛ يطلبون منهم الشفاعة بتعجيل الحساب، قال -صلى الله عليه وسلم-: (فَيَأْتُونَ إبْراهِيمَ فيَقولُ: لَسْتُ لها ولَكِنْ علَيْكُم بمُوسَى عليه السَّلامُ، فإنَّه كَلِيمُ اللهِ، فيُؤْتَى مُوسَى، فيَقولُ: لَسْتُ لَها..).[٤][٥]


أين كلّم الله موسى عليه السلام؟

لقد كلّم الله -سبحانه- النبي موسى -عليه السلام- ليكلّفه بالرّسالة في الوادي المقدس، عند جبل الطور، وذلك بعد خروجه من أرض مدين، كما كلّمه -سبحانه- عندما واعده أربعون ليلة، قال -تعالى-: (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)،[٦] وقال -تعالى-: (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ).[٧][٣]


لماذا اختصّ الله موسى بالكلام؟

ينبغي التنبيه إلى أنّ الله -سبحانه- فضّل الأنبياء بعضهم على بعض -صلوات الله وسلامه عليهم-، واختصّ كلّ واحدٍ منهم بما يشرّفه ويميّزه، وكل ذلك لحكمته -سبحانه-، فهو يختصّ من يشاء بما يشاء؛ قال -تعالى-: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۘ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ ۖ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ)،[٨] فيكون اختصاص الله -سبحانه- لموسى -عليه السلام- بالكلام نوع من أنواع التفضيل، وإنْ كان هنالك أنبياء آخرون قد كلّمهم الله -كما سنذكر-، ولكنّ التكليم في حقّ موسى أخصّ من مطلق الوحي لغيره من الأنبياء -عليهم السلام-.[٩]


هل هنالك أنبياء آخرون كلّمهم الله تعالى؟

من الجدير بالذكر أنّ الله -سبحانه- قد كلّم من الأنبياء -عليهم السلام-: آدم، وموسى -كما فصّلنا سابقاً-، ومحمد -صلوات الله عليهم-، وفيما يأتي بيان ذلك:[١٠]

  • تكليم الله -سبحانه- لآدم وزوجه عليهما السلام

ثبت في النصوص القرآنية أنّ الله -سبحانه- كلّم النبي آدم -عليه السلام- في الجنّة، هو وزوجه حواء؛ حيث قال -سبحانه-: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ)،[١١] كما اختصّه بالكلام عندما أظهره أمام ملائكته -عليهم السلام-، وأمرهم بالسجود له؛ قال -تعالى-: (قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ).[١٢]


  • تكليم الله -سبحانه- للنبي محمد صلى الله عليه وسلم

وذلك في السماء، في حادثة الإسراء والمعراج، حين فرض عليه وعلى أمته من بعده الصلوات الخمس؛ وقد ثبت هذا في الصحيحين، قال -صلى الله عليه وسلم- في تكليم الله -تعالى- له: (يَا مُحَمَّدُ، إِنَّهُنَّ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لِكُلِّ صَلَاةٍ عَشْرٌ، فَذَلِكَ خَمْسُونَ صَلَاةً)،[١٣] "إذاً: اصطفى الله آدم فكلّمه، واصطفى موسى فكلّمه، ومحمد -صلى الله عليه وسلم- كلّمه، وخصّه وشرّفه، وعظّمه وكرّمه بهذا الكلام".

المراجع

  1. سورة النساء، آية:164
  2. سورة الأعراف، آية:144
  3. ^ أ ب صالح المغامسي، تأملات قرآنية، صفحة 18، جزء 7. بتصرّف.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:193، صحيح.
  5. محمد صالح المنجد، دروس للشيخ محمد المنجد، صفحة 2، جزء 130. بتصرّف.
  6. سورة القصص، آية:30
  7. سورة الأعراف، آية:143
  8. سورة البقرة، آية:253
  9. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 161، جزء 8. بتصرّف.
  10. محمد حسن عبد الغفار، كتاب التوحيد لابن خزيمة، صفحة 4-6، جزء 19. بتصرّف.
  11. سورة البقرة، آية:35
  12. سورة البقرة، آية:33
  13. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:162، صحيح.