نبيّ الله إبراهيم -عليه السلام- أحد أولي العزم من الرسل، ولد في بابل، وعاش بين عائلةٍ وقومٍ يعبدون الأصنام، إلّا أنّه كان صاحب رشدٍ وعقلٍ سليمٍ منذ نشأته؛ فلم يعبد الأصنام مثلهم، ولمّا بلغ أربعين سنةً كلّفه الله تعالى بدعوة قومه إلى الإيمان بالله وحده وترك الأصنام،[١][٢] وفيما يلي ذكرٌ للقب إبراهيم -عليه السلام- ومزيد تفصيلٌ عن دعوته.


لقب النبي إبراهيم

إبراهيم أبو الأنبياء

يُعرف نبيّ الله إبراهيم -عليه السّلام- بلقب أبي الأنبياء؛ لأنّ الله جعل أبناءه إسماعيل وإسحاق -عليهما السّلام- أنبياء، كما جعل في ذريّة إسماعيل وإسحاق النبوة كذلك؛ قال الله تعالى عن إبراهيم عليه السّلام: (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ).[٣][٤][٥]


إبراهيم الخليل

يُعرف نبيّ الله إبراهيم -عليه السّلام- بلقب خليل الله أو خليل الرحمن، قال الله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّـهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّـهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا)،[٦] وهو يشترك في هذا اللقب وهذه المنزلة مع النبيّ محمد عليه الصّلاة والسّلام، كما جاء في رواية جندب بن عبد الله -رضي الله عنه- قوله: "سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قَبْلَ أنْ يَمُوتَ بخَمْسٍ، وهو يقولُ: إنِّي أبْرَأُ إلى اللهِ أنْ يَكونَ لي مِنكُم خَلِيلٌ، فإنَّ اللهِ تَعَالَى قَدِ اتَّخَذَنِي خَلِيلًا، كما اتَّخَذَ إبْرَاهِيمَ خَلِيلًا، ولو كُنْتُ مُتَّخِذًا مِن أُمَّتي خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أبَا بَكْرٍ خَلِيلًا".[٧][٤][٥]


صفات النبي إبراهيم

جاء القرآن الكريم على ذكر عددٍ من الصفات والخصال الكريمة التي تمتّع بها نبيّ الله إبراهيم عليه السّلام، ومنها:[٨]

  • الحِلم والإنابة إلى الله: حيث كان إبراهيم -عليه السلام- حليمًا كثير التضرّع إلى الله تعالى والرجوع إليه كما جاء في قوله تعالى: (إِنَّ إِبراهيمَ لَحَليمٌ أَوّاهٌ مُنيبٌ).[٩]
  • أنّه كان أمةً: حيث وصف الله تعالى إبراهيم -عليه السلام- بأنّه كان أمةً، والأمّة؛ الإمام الجامع لصفات الخير.
  • الكرم والسخاء: وذلك بدلالة قوله تعالى عن إبراهيم -عليه السلام- حين جاءته الملائكة: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ* إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ* فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ).[١٠]
  • الوفاء بأمر الله: حيث أدّى إبراهيم -عليه السّلام- كلّ ما أمره الله به، وشهد له تعالى بذلك؛ فقال فيه: (وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى).[١١][٨]


مواقف من دعوة إبراهيم

ذكر القرآن الكريم عددًا من المواقف التي مرّ بها إبراهيم -عليه السّلام- في دعوته، ومنها:[٤][٢]

  • محاججة إبراهيم للنمرود: وكان النمرود ملكًا في بابل مدّعيًا للألوهيّة، فحاججه إبراهيم -عليه السّلام- وأقام عليه الحجّة، كما جاء في قول الله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّـهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّـهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّـهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).[١٢]
  • تحطيم إبراهيم للأصنام: حطّم إبراهيم -عليه السّلام- أصنام قومه، وحاول من خلال فعلته أن يبيّن لهم بطلان ما يعبدون وكيف أنّ هذه الأصنام لا تضرّ ولا تفع، فاستكبروا وأرادوا حرقه؛ فجعل الله تعالى النار بردًا وسلامًا عليه وأنجاه منها.
  • رؤيا ذبح ابنه إسماعيل: حيث رأى إبراهيم -عليه السّلام- في منامه أنّه يذبح ابنه، فما كان منه إلّا أن أخبر ابنه إسماعيل بما رأى، وهمّ بتنفيذ أمر الله تعالى، إلّا أنّ الله تعالى افتدى إسماعيل -عليه السّلام- بكبشٍ.
  • بناء إبراهيم للكعبة: أمر الله تعالى إبراهيم -عليه السّلام- بأن يرفع قواعد الكعبة ويبنيها؛ فبناها هو وابنه إسماعيل، ونادى إبراهيم في الناس للحجّ إلى بيت الله الحرام بعد أن أتمّ بناءه.


المراجع

  1. ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 139-140. بتصرّف.
  2. ^ أ ب أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 107-123. بتصرّف.
  3. سورة العنكبوت، آية:27
  4. ^ أ ب ت محمد سليمان المنصورفوري، رحمة للعالمين، صفحة 518-520. بتصرّف.
  5. ^ أ ب
  6. سورة النساء، آية:125
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جندب بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:532، صحيح.
  8. ^ أ ب "صفات إبراهيم عليه السلام التي استحق من أجلها أن يكون خليل الرحمن"، الإسلام سؤال وجواب، 23/11/2009، اطّلع عليه بتاريخ 05/09/2021. بتصرّف.
  9. سورة هود، آية:75
  10. سورة الذاريات، آية:24-26
  11. سورة النجم، آية:37
  12. سورة البقرة، آية:258