معنى العصمة

بيان تعريف العصمة في اللغة والاصطلاح الشرعيّ آتياً:[١]

  • العصمة لغةً: يُراد بها في اللغة عدّة معانٍ من أبرزها:
  • المنع: فيُقال: عصم الله عبده؛ أي منعه ووقاه، وعًصِم فلانٌ عن الكذب؛ أي مُنع عنه.
  • الحفظ: فيُقال: اعتصم فلانٌ بالله؛ أي حُفظ به.
  • العصمة شرعاً: حفظ الله -تعالى- الأنبياء والرسل -عليهم الصلاة والسلام- من الوقوع في المعاصي والمحرّمات والنواهي.


مقتضيات عصمة الأنبياء

عصم الله -تعالى- الأنبياء والرسل -عليهم السلام- من الوقوع في الأخطاء إلّا أنّ تلك العصمة لا تشمل كلّ الأمور، وفيما يأتي بيان وتفصيل ذلك:[٢][٣]

  • العصمة في تبليغ الدِّين: فالأنبياء والرسل -عليهم الصلاة والسلام- معصومون في تبليغ الدِّين للعباد، فلا يكتون أمراً أوحى به الله -تعالى- إليهم، ولا يزيدون أو ينقصون منه شيئاً، قال -تعالى-: (وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ)،[٤] وفسّر الإمام السعدي الآية السابقة قائلاً: (وما هو على ما أوحاه الله إليه بشحيحٍ، يكتم بعضه، بل هو -صلّى الله عليه وسلّم- أمين أهل السماء وأهل الأرض، الذي بلّغ رسالات ربه البلاغ المبين، فلم يشحّ بشيءٍ منه عن غني ولا فقيرٍ ولا رئيسٍ ولا مرؤوسٍ ولا ذكرٍ ولا أنثى ولا حضري ولا بدوي، ولذلك بعثه الله في أمةٍ أميةٍ جاهلةٍ جهلاء، فلم يمت -صلّى الله عليه وسلّم- حتى كانوا علماء ربانيين إليهم الغاية في العلوم)، وقد أجمع العلماء على عصمة الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- من الخطأ فيما يبلّغونه عن ربّهم -عزّ وجلّ-، وأنّهم لا ينسون شيئاً
  • العصمة من الأخطاء البشرية: فالأنبياء والرسل -عليهم الصلاة والسلام- لا يصدر منهم الخطأ البشري، وفي ذلك تفصيلٌ دقيقٌ بالنظر إلى نوع الخطأ والذنب بيانه آتياً:
  • الكبائر: لا تصدر من الأنبياء والرسل إطلاقاً سواءً قبل البعثة أم بعدها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: (إنّ القول بأنّ الأنبياء معصومون عن الكبائر دون الصغائر هو قول أكثر علماء الإسلام وجميع الطوائف، وهو أيضاً قول أكثر أهل التفسير والحديث والفقهاء، بل لم يُنقل عن السلف والأئمة والصحابة والتابعين وتابعيهم إلّا ما يُوافق هذا القول).
  • الصغائر: قد تقع صغائر الذنوب من الأنبياء أو من بعضهم كما قال بذلك أكثر أهل العلم، مع الإشارة إلى تنبيه الله -تعالى- لهم إن وقعت منهم أي صغيرةٍ، فيُقبلون إليه بالتوبة والإنابة، والدليل على ذلك قول الله -تعالى- عن آدم -عليه السلام-: (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى*ثُمَّ اجتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيهِ وَهَدى)،[٥] فقد وقع آدم -عليه السلام- بذنبٍ صغيرٍ فنبّهه الله عليه فتاب عنه، وفي بيان ذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وعامّة ما يُنقل عن جمهور العلماء أنّهم -أي الأنبياء- غير معصومين عن الإقرار على الصغائر، ولا يُقرّون عليها، ولا يقولون إنّها لا تقع بحالٍ)، كما قد يقع الخطأ من الأنبياء في بعض أمور الدنيا كالطب والزراعة ونحوهما، مع الإشارة إلى تمام عقلهم وسداد رأيهم وبصيرتهم، وقد ورد في ذلك خطأ النبيّ محمد -عليه الصلاة والسلام- في أمرٍ يخصّ الزراعة كما ثبت في الصحيح عن رافع بن خديج: (قَدِمَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ المَدِينَةَ، وَهُمْ يَأْبُرُونَ النَّخْلَ يقولونَ يُلَقِّحُونَ النَّخْلَ، فَقالَ: ما تَصْنَعُونَ؟ قالوا: كُنَّا نَصْنَعُهُ، قالَ: لَعَلَّكُمْ لو لَمْ تَفْعَلُوا كانَ خَيْرًا فَتَرَكُوهُ، فَنَفَضَتْ، أَوْ فَنَقَصَتْ، قالَ فَذَكَرُوا ذلكَ له فَقالَ: إنَّما أَنَا بَشَرٌ، إذَا أَمَرْتُكُمْ بشيءٍ مِن دِينِكُمْ فَخُذُوا به، وإذَا أَمَرْتُكُمْ بشيءٍ مِن رَأْيِي، فإنَّما أَنَا بَشَرٌ. قالَ عِكْرِمَةُ: أَوْ نَحْوَ هذا. قالَ المَعْقِرِيُّ: فَنَفَضَتْ وَلَمْ يَشُكَّ).[٦]


الحكمة من عصمة الأنبياء

عصم الله -تعالى- أنبياءه ورسله تحيقاً للعديد من الحكم والغايات التي يُذكر من أبرزها:[١]

  • تكريم الأنبياء والرسل -عليهم السلام- وتمييزهم عن غيرهم من البشر؛ إذ إنّهم قدوةٌ وأسوةٌ لأقوامهم فلا يصّح منهم الوقوع في الأخطاء.
  • تطهير الأنبياء والرسل من أي سُمعةٍ وقولٍ قد يلحق بهم بسبب أخطائهم، إذ لا يصحّ الخطأ من الأنبياء وهم المعرفون بطهارة نفوسهم ونقاوتها، وفي ذلك قال الإمام الصابوني -رحمه الله-: (هل سيكون لكلام النَّبيِّ أثرٌ في النفوس إذا كانت سيرته غيرَ حسنةٍ، أو كانت حياته ملوَّثةً ببعض الموبقات والآثام).
  • تحقيق الصدق لنبوتهم ورسالتهم، إذ إنّ عدم عصمة الأنبياء قد يُلحق القدح والشكّ في نبوّتهم ودعوتهم، فكانت عصمتهم بمثابة مانعٍ من الخوض أو الشكّ في نبوّتهم.


المراجع

  1. ^ أ ب صادق بن محمد الهادي (19/7/2009)، "العصمة"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 4/8/2021. بتصرّف.
  2. محمد صالح المنجد (16/7/2003)، "عصمة الأنبياء"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 4/8/2021. بتصرّف.
  3. "العصمة في التحمل وفي التبليغ"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 4/8/2021. بتصرّف.
  4. سورة التكوير، آية:24
  5. سورة طه، آية:121-122
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن رافع بن خديج، الصفحة أو الرقم:2362، صحيح.