شغلت قصَّة يوسف -عليه السلام- وأحداثها سورةً كاملةً من سور القرآن الكريم؛ حيث جاءت سورةٌ كريمةٌ كاملةٌ تحمل اسم يوسف -عليه السلام-، وتسرد قصّته مع أبيه يعقوب -عليه السلام-، وإخوته، ومكيدتهم له، وما جرى مع يوسف -عليه السلام- بعدها من أحداثٍ إلى أن أصبح عزيز مصر وحاكمها، والتقى بأبيه وأهله بعد فراقٍ،[١] وقد استخلص العلماء والمفسّرون من هذه الأحداث كلّها أبرز سمات يوسف -عليه السلام- المتمثّلة في شخصه الكريم، وفيما يأتي بيانٌ لأبرز الصفات والسمات التي تميّزت بها شخصيَّته.


شخصية يوسف عليه السلام

فيما يأتي عرضٌ لأبرز الصفات والخصال التي تميّزت بها شخصيَّة نبي الله يوسف -عليه السلام-، كما استنبطها وفهمها العلماء من الآيات الواردة في قصّته -عليه السلام-.


الحكمة والعلم

فقد تميّزت شخصيَّة يوسف -عليه السلام- بالحكمة والعلم، حيث قال الله -تعالى- فيه: (وَلَمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيناهُ حُكمًا وَعِلمًا وَكَذلِكَ نَجزِي المُحسِنينَ)؛[٢] ومن المفسّرين من فسّر وصف الله -تعالى- ليوسف بأنّه بلغ أشّده؛ أي بلغ مبلغًا من الحنكة والمعرفة، وفي قصّة يوسف مواقف عديدةٌ تدلّ على حكمته وعلمه وحسن تفكيره وتدبيره؛ الحيلة التي احتالها على إخوته ليبقي أخاه عنده.[٣]


الصبر

اتّصف يوسف -عليه السلام- بالصبر، رغم كثرة المحن التي تعرّض لها، وأوّلها إلقاء إخوته له في البئر، ثمّ مراودة امرأة العزيز، وصبره على اتهامها له ظلمًا، وصبره على السجن ظلمًا، ولصبر يوسف -عليه السلام- في هذه المواطن كلّها، مكّن الله -تعالى- له، لأنّ التمكين لا يكون إلا بعد الصبر على المحن والشدائد؛ فبعد صبر يوسف -عليه السلام- على المحن التي مرّ بها؛ مكّن الله -تعالى- له، وبلّغه الحكم والرئاسة، قال تعالى: (وَكَذلِكَ مَكَّنّا لِيوسُفَ فِي الأَرضِ يَتَبَوَّأُ مِنها حَيثُ يَشاءُ نُصيبُ بِرَحمَتِنا مَن نَشاءُ وَلا نُضيعُ أَجرَ المُحسِنينَ).[٤][٣]


الطهارة والعفّة

فقد كان يوسف -عليه السلام- طاهر النفس عفيفًا؛ حيث تمنّع ورفض الاستجابة لإغواء امرأة العزيز له، والنسوة الأخريات اللاتي دعتهنّ امرأة العزيز، واستجار -عليه السلام- بالله -تعالى- واعتصم به؛ ليحميه من كيدهنّ، وما يدعونه إليه من الفاحشة، بل فضّل السجن على أن يستجيب لما يدعونه إليه من السوء، كما جاء في قول الله -تعالى- على لسان يوسف: (قالَ رَبِّ السِّجنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمّا يَدعونَني إِلَيهِ وَإِلّا تَصرِف عَنّي كَيدَهُنَّ أَصبُ إِلَيهِنَّ وَأَكُن مِنَ الجاهِلينَ).[٥][٦]


الاعتراف بالفضل وحفظ المعروف

كان يوسف -عليه السلام- حافظًا لفضل وجميل عزيز مصر الذي اشتراه بعد أن أُخرج من البئر، وربّاه ورعاه في قصره، ومن حفظه للمعروف، واعترافه بالفضل والجميل، أنّ من الأسباب التي منعته من الاستجابة لمرأة العزيرز -بعد خوفه من الله تعالى-؛ تذكّره لفضل العزيز بعد فضل الله -تعالى-، وأنّه لا يقبل خيانة أهل الفضل، أو مقابلة معروفهم بالإساءة، كما جاء في ردّه -عليه السلام- على امرأة العزيز: (قالَ مَعاذَ اللَّـهِ إِنَّهُ رَبّي أَحسَنَ مَثوايَ إِنَّهُ لا يُفلِحُ الظّالِمونَ).[٧]


العفو والمسامحة

ويظهر ذلك بوضوحٍ في شخصيَّة يوسف -عليه السلام-؛ بمسامحته لإخوته، وعفوه عنهم بعد أن التقى بهم، رغم ما كان منهم، وما فعلوا به من إلقائه في البئر، وحرمانه من والده وأهله لمّدة من الزمن، حيث قال لهم بعد أن لقيهم: (قالَ لا تَثريبَ عَلَيكُمُ اليَومَ يَغفِرُ اللَّـهُ لَكُم وَهُوَ أَرحَمُ الرّاحِمينَ).[٨][٦]


برّ الوالدين

فقد كان يوسف -عليه السلام- بارًا بأبيه يعقوب -عليه السلام-؛ ويظهر ذلك بمسارعته لطمأنت أبيه عنه، بعد أن التقى بإخوته؛ حيث أرسل قميصه معهم؛ ليلقوه على يعقوب؛ فيطمئن لسلامة يوسف -عليه السلام-، ويعود إليه بصره -بإذن الله-، كما تمثّل برّ يوسف بأبيه، حين قدم إليه مع إخوته؛ فاستقبله، ورفعه إلى عرشه حيث يجلس، وقرّبه منه، وأكرمه.[٦]


المراجع

  1. "قصة يوسف عليه السلام في القرآن"، إسلام ويب، 29/7/2012، اطّلع عليه بتاريخ 17/8/2022. بتصرّف.
  2. سورة يوسف، آية:22
  3. ^ أ ب عبد الستار المرسومي (23/4/2015)، "يوسف عليه السلام: النبي القائد"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 17/8/2022. بتصرّف.
  4. سورة يوسف، آية:56
  5. سورة يوسف، آية:33
  6. ^ أ ب ت أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 224-226. بتصرّف.
  7. سورة يوسف، آية:23
  8. سورة يوسف، آية:92