اختار الله -سبحانه وتعالى- أنبياءه واصطفاهم من بين خلقه، وفضّلهم بالنبوة والرسالة، وأيّدهم بِالمُعجزات، وأمَرهم بتبليغ دعوتِه للناس، قال تعالى: (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)،[١] وآتيًا بيانٌ لتسلسل بعثة الأنبياء عليهم السلام.


تسلسل بعثة الأنبياء

تتابعت بعثة الأنبياء إلى الأمم والأقوام على مرّ العصور، فلم تخلُ أمّةٌ من نبيّ أو رسولٍ ينذرها كما جاء في قوله تعالى: (وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ)،[٢] والأنبياء الذين أرسلهم الله تعالى كثيرون جدًّا، لم يُذكروا ويُعرفوا جميعًا، قال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ)،[٣] وذكر الله تعالى في القرآن الكريم خمسةً وعشرين نبيًّا ورسولًا، ذُكر ثمانية عشر منهم في موضعٍ واحدٍ في قول الله تعالى: (وَتِلكَ حُجَّتُنا آتَيناها إِبراهيمَ عَلى قَومِهِ نَرفَعُ دَرَجاتٍ مَن نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكيمٌ عَليمٌ* وَوَهَبنا لَهُ إِسحاقَ وَيَعقوبَ كُلًّا هَدَينا وَنوحًا هَدَينا مِن قَبلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ داوودَ وَسُلَيمانَ وَأَيّوبَ وَيوسُفَ وَموسى وَهارونَ وَكَذلِكَ نَجزِي المُحسِنينَ* وَزَكَرِيّا وَيَحيى وَعيسى وَإِلياسَ كُلٌّ مِنَ الصّالِحينَ* وَإِسماعيلَ وَاليَسَعَ وَيونُسَ وَلوطًا وَكُلًّا فَضَّلنا عَلَى العالَمينَ)،[٤]وورد ذكر السبعة الآخرين في مواضع متفرقةٍ في القرآن، وهم: آدم، وإدريس، وهود، وشعيب، وصالح، وذو الكفل، ومحمد عليهم الصلاة والسلام،[٥] وفيما يلي ذكر الأنبياء والرسل بالترتيب الزمني لبعثتهم بحسب الروايات:[٦]

  • آدم عليه السلام: وهو أوّل الأنبياء.
  • شيث عليه السلام: وهو ابن آدم عليه السلام.
  • إدريس عليه السلام: واختُلف في وقت بعثته؛ فقيل إنّه كان قبل نوحٍ وقيل إنّه كان بعده في روايةٍ أخرى.
  • نوح عليه السلام: وهو أبو البشريّة الثاني، وأحد أولي العزم من الرسل.[٧]
  • هود عليه السلام: بعثه الله تعالى إلى قوم عادٍ الذي جاءوا بعد قوم نوح.
  • صالح عليه السلام: بعثه الله تعالى إلى قوم ثمود الذين جاءوا خلفًا لعاد.
  • إبراهيم عليه السلام: وهو أحد أولي العزم من الرسل، ولقبه أبو الأنبياء؛ لأنّ الله تعالى جعل في ذريّته النبوة.[٨]
  • لوط عليه السلام: وقد عاصر إبراهيم -عليه السلام- وكان في زمنه.
  • شعيب عليه السلام: وكانت بعثته بعد لوطٍ -عليه السلام- بزمنٍ قصيرٍ.
  • إسماعيل وإسحاق عليهما السلام: وهما ابنا إبراهيم عليه السلام، قال الله تعالى: (وَهَبنا لَهُ إِسحاقَ وَيَعقوبَ وَكُلًّا جَعَلنا نَبِيًّا).[٩]
  • يعقوب عليه السلام: من ذريّة إبراهيم؛ فهو ابن إسحاق -عليهم السلام- وجاء بعده، قال تعالى عن زوجة إبراهيم عليه السلام: (وامرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَت فَبَشَّرناها بِإِسحاقَ وَمِن وَراءِ إِسحاقَ يَعقوبَ).[١٠]
  • يوسف عليه السلام: ابن يعقوب، ووردت قصّته مفصّلةً في سورةٍ من سور القرآن الكريم حملت اسمه.
  • أيوب عليه السلام: وهو من سلالة العيص بن إسحاق، وبُعث بعد يوسف عليه السلام.
  • ذو الكفل عليه السلام: ولم يرد في النصوص تفصيلٌ عنه أو عن دعوته، إلا الآيات التي جاءت على ذكر اسمه في جملة الأنبياء.
  • يونس عليه السلام: لم يُحدّد زمن بعثته، إلّا أنّ ابن كثيرٍ ذكره في ترتيب الأنبياء قبل موسى عليه السلام.
  • موسى وهارون عليهما السلام: وقد بعث الله تعالى موسى وأخاه هارون إلى فرعون، قال الله تعالى عنهما: (ثمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ* إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ).[١١]
  • الخضر عليه السلام: على قول من ذهب من العلماء إلى أنّه نبيٌّ، وقد كان في زمن موسى عليه السلام.
  • يوشع بن نون عليه السلام: وهو الفتى الذي رافق موسى -عليه السلام- في رحلته إلى الخضر.
  • إلياس عليه السلام: وهو من أنبياء بني إسرائيل، قال الله تعالى فيه: (وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ).[١٢]
  • اليسع عليه السلام: من أنبياء بني إسرائيل، وورد ذكره في القرآن الكريم، ومن ذلك قوله تعالى: (وَإِسماعيلَ وَاليَسَعَ وَيونُسَ وَلوطًا وَكُلًّا فَضَّلنا عَلَى العالَمينَ).[١٣]
  • النبيّ الذي بعث لبني إسرائيل: وهو النبي المشار إليه في قوله: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)،[١٤] ولم يُذكر اسم هذا النبيّ في القرآن الكريم ولا في السنّة النبويّة، وقد عاصر داود عليه السلام.
  • داود عليه السلام: وهو أحد أنبياء بني إسرائيل وقد آتاه الله تعالى الملك والحكم.[١٥]
  • سليمان عليه السلام: وهو ابن داود عليه السلام، وورث منه الحكم والنبوة.
  • زكريا وابنه يحيى عليهما السلام: وكان يحيى -عليه السلام- بشارةً من الله تعالى لزكريا وإجابةً لدعائه، كما جاء في قوله تعالى: (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ* فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّـهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ).[١٦]
  • عيسى عليه السلام: وهو أحد أولي العزم من الرسل، وآخر أنبياء بني إسرائيل، وجاء مبشّرًا بنبوّة محمد عليه الصلاة والسلام.[١٧]
  • محمد عليه السلام: وهو خاتم الأنبياء والمرسلين.


الحكمة من بعث الأنبياء

أرسل الله تعالى الأنبياء والرسل وابتعثهم لحِكمٍ عديدةٍ، منها ما يلي:[١٨]

  • الدعوة إلى توحيد الله تعالى، وترك عبادة ما سواه، قال تعالى: (وَلَقَد بَعَثنا في كُلِّ أُمَّةٍ رَسولًا أَنِ اعبُدُوا اللَّهَ وَاجتَنِبُوا الطّاغوتَ).[١٩][٢٠]
  • إقامة الحجّة على الناس، قال تعالى: (رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّـهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا)،[٢١]، فلا يكن للناس حجةٌ عند الله بعد أن أرسل لهم الرسل.
  • تعريف النّاس بالأمور الغيبيَّة التي لا يمكنهم إدراكُها إن لم يخبرهم أحدٌ بها؛ كأسماء الله تعالى وصفاته، والملائكة، والجنّ، والشياطين، والجنَّة، والنَّار.
  • الاقتداء بهم وبما تحلّوا به من الأخلاق الحسنة.

المراجع

  1. سورة الحج، آية:75
  2. سورة فاطر، آية:24
  3. سورة غافر، آية:78
  4. سورة الأنعام، آية:83-86
  5. عمر سليمان الأشقر، الرسل والرسالات، صفحة 18. بتصرّف.
  6. "التسلسل الزمني لبعثة الأنبياء والرسل عليهم السلام"، الإسلام سؤال وجواب، 28-9-2017، اطّلع عليه بتاريخ 13-9-2021. بتصرّف.
  7. أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 59.
  8. أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 107-109. بتصرّف.
  9. سورة مريم، آية:49
  10. سورة هود، آية:71
  11. سورة المؤمنون، آية:45-46
  12. سورة الصافات، آية:123
  13. سورة الأنعام، آية:86
  14. سورة البقرة، آية:246
  15. أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 397. بتصرّف.
  16. سورة آل عمران، آية:38-39
  17. أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 466. بتصرّف.
  18. ابن تيمية، النبوات، صفحة 22-24. بتصرّف.
  19. سورة النحل، آية:36
  20. محمد بن ابراهيم التويجري، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة، صفحة 78. بتصرّف.
  21. سورة النساء، آية:165