النبي الذي أنزل عليه التوراة

نزلت التوراة على نبي الله موسى -عليه السلام-، وقد كانت متضمنة للأحكام والتشريعات، ومثّلتْ دستور الحياة لبني إسرائيل؛ وقد كان موسى -عليه السلام- قد وعد قومه أن يأتيهم بكتاب من عند الله -تعالى-، بعد أن يهلك عدوهم فرعون وجنوده؛ فلمّا هلك سأل موسى -عليه السلام- ربّه أن ينزل عليه الكتاب، الذي سيُبيّن لقومه ما يأتون وما يذرون؛ قال -تعالى-: (قالَ يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ* وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ).[١][٢]


ويُؤكد المولى -سبحانه- وحيّه بالتوراة لنبيّه موسى -عليه السلام، ولبني إسرائيل من بعده بقوله -تعالى-: (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ).[٣][٤]


نزول التوراة

نزلت التوراة في شهر رمضان المبارك كباقي الكتب السماويّة؛ وقد استدل أهل العلم على ذلك بما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أُنْزِلَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ وَأُنْزِلَ الْإِنْجِيلُ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَ الزَّبُورُ لِثَمَانَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَ الْقُرْآنُ لِأَرْبَعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ).[٥][٦]


وتجدر الإشارة إلى أنّ التوراة -وجميع الكتب السماوية باستثناء القرآن الكريم- نزلت جملة واحدة؛ والدليل على ذلك اعتراض مشركي قريش على نزول القرآن الكريم مفرقاً؛ وذلك في قوله -تعالى-: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ۚ كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ۖ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا).[٧][٨]


بشارة نبوة سيدنا محمد بالتوراة

أكدت عدد من الآيات القرآنية أنّ ذكر سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- قد ثبت في التوراة، ومن ذلك قوله -تعالى-: (وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ)،[٩]وقوله -تعالى-: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ..)؛[١٠]فكان ذكر سيدنا محمد بكتب الأنبياء السابقين، وفي التوراة.[١١]


الإيمان بالتوراة

ينبغي التنبيه إلى أنّ على المسلم الإيمان بالكتب السماويّة السابقة جميعها؛ بأن يُؤمن أنّ التوراة نزلت على موسى -عليه السلام-، وأنّ الإنجيل نزل على عيسى -عليه السلام-، وأنّ الزبور نزل على داود -عليه السلام-، وأنّ الصحف نزلت على إبراهيم -عليه السلام-؛ ولكن دون الدخول في تفاصيلها أو ما ورد فيها؛ لأنّ الأقوام السابقة قامت بتحريف كتبها وذلك بشهادة القرآن الكريم؛ لذا فإنّ الإيمان يقف عند حدّ التصديق بنزول هذه الكتب السماويّة على الأنبياء -عليهم السلام-، وأن الكتاب المُصدّق الآن إلى يوم القيامة هو القرآن الكريم الذي جاء بتفصيل كل شيء.[١٢]


صحف موسى عليه السلام

نزل على سيدنا موسى -عليه السلام- قبل التوراة عدداً من الصحف؛ كان فيها مجموعة من المواعظ والعبر والأمثال؛ وقد ذكرها المولى -سبحانه- في كتابه العزيز في قوله: (إِنَّ هَـٰذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ* صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى).[١٣][١٤]



مواضيع أخرى:

نسب موسى عليه السلام

كم عدد الصحف التي أنزلت على موسى؟

المراجع

  1. سورة الأعراف، آية:144-145
  2. وهبة الزحيلي، التفسير الوسيط، صفحة 719، جزء 1. بتصرّف.
  3. سورة المائدة، آية:44
  4. إبراهيم الإبياري، الموسوعة القرآنية، صفحة 384، جزء 9. بتصرّف.
  5. رواه الطبراني، في المعجم الكبير، عن واثلة بن الأسقع، الصفحة أو الرقم:185، حسن الألباني وله شاهد من إسناد صحيح.
  6. عمر سليمان الأشقر، الرسل والرسالات، صفحة 253.
  7. سورة الفرقان، آية:32
  8. عبد القادر محمد منصور، موسوعة علوم القرآن، صفحة 38. بتصرّف.
  9. سورة الشعراء، آية:196
  10. سورة الأعراف، آية:157
  11. القرطبي شمس الدين، تفسير القرطبي الجامع لأحكام القرآن، صفحة 138، جزء 13.
  12. مصطفي عبد اللطيف درويش، نداء إلى الفاتيكان راجعوا أسفاركم المقدسة، صفحة 3. بتصرّف.
  13. سورة الأعلى، آية:18-19
  14. مجموعة من المؤلفين، التفسير الوسيط مجمع البحوث، صفحة 1882، جزء 10. بتصرّف.