تفضّل الله -تعالى- على البشر بإرسال الرسل إليهم ليدعوهم إلى عبادة الله وحده وعدم الإشراك به، فالرسل -عليهم السلام خير البشر وأفضلهم، فقد اصطفاهم لحَمل أمانة الرسالة وتبليغها، وأمر الناس بالانقياد لهم واتّباعهم والإيمان برسالاتهم.[١]
من هم أولو العزم من الرسل؟
اختصّ الله -تعالى- البعض من الرسل على البعض، فقد اختصّ كلّاً من: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد -عليهم الصلاة والسلام-، وقد أُطلق عليهم أولو العزم؛ لأنّهم كانوا أصحاب قوةٍ وعزيمةٍ في أمر دِينهم، مع الإشارة إلى أنّ كلّ الأنبياء والرسل -عليهم الصلاة والسلام- أدّوا أوامر الله -سبحانه- وبلّغوا رسالاته بقوةٍ وعزيمةٍ إلّا أنّ أولي العزم كانوا أكثر عزيمةً وقوةً من غيرهم،[٢] وفيما يأتي نبذةٌ عن كلٍّ منهم:
نوح عليه السلام
نوح -عليه الصلاة والسلام- أول رسول بعثه الله -تعالى- وأمره بالدعوة إلى توحيد الله -تعالى- وعدم الإشراك به، وقد مكث يدعو قومه تسعمئةٍ وخمسين سنةً جاهد معهم حقّ الجهاد وصبر عليهم، فلجأ للعديد من الطرق والأساليب في دعوة قومه، فدعاهم سرّاً وجهراً ليلاً ونهاراً رغم عداوتهم له والسعي في إلحاق الأذى به، قال -تعالى-: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ*فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ).[٣][٤]
إبراهيم عليه السلام
وقد خصّه الله -تعالى- بعدّة أمورٍ، منها: بناء الكعبة المشرّفة مع ابنه إسماعيل -عليهما السلام-، قال -سبحانه-: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)،[٥] وقد جعل الله -تعالى- النبوّة والكتاب من بعد إبراهيم في ذرّيته، إذ قال: (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ)،[٦] وإبراهيم -عليه السلام- أول مَن يُكسى يوم القيامة كما ثبت في الصحيح عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّكُمْ مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا: {كما بَدَأْنَا أوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء: 104] الآيَةَ، وإنَّ أوَّلَ الخَلَائِقِ يُكْسَى يَومَ القِيَامَةِ إبْرَاهِيمُ).[٧][٨]
موسى عليه السلام
خصّ الله -تعالى- نبيّه موسى -عليه الصلاة والسلام بتكليمه له مباشرةً دون واسطةٍ، قال -سبحانه-: (يا موسى إِنِّي اصطَفَيتُكَ عَلَى النّاسِ بِرِسالاتي وَبِكَلامي فَخُذ ما آتَيتُكَ وَكُن مِنَ الشّاكِرينَ)،[٩][١٠] ولذلك لُقّب بكليم الله.[١١]
عيسى عليه السلام
خصّ الله -تعالى- عيسى -عليه الصلاة والسلام- بالعديد من الأمور؛ من أبرزها: ولادته من أمٍ دون أبٍ بقدرة الله وأمّه هي مريم ابنة عمران -عليها الصلاة والسلام-، قال -سبحانه-: (وَاذكُر فِي الكِتابِ مَريَمَ إِذِ انتَبَذَت مِن أَهلِها مَكانًا شَرقِيًّا*فَاتَّخَذَت مِن دونِهِم حِجابًا فَأَرسَلنا إِلَيها روحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَرًا سَوِيًّا*قالَت إِنّي أَعوذُ بِالرَّحمـنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا*قالَ إِنَّما أَنا رَسولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا*قالَت أَنّى يَكونُ لي غُلامٌ وَلَم يَمسَسني بَشَرٌ وَلَم أَكُ بَغِيًّا*قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجعَلَهُ آيَةً لِلنّاسِ وَرَحمَةً مِنّا وَكانَ أَمرًا مَقضِيًّا).[١٢][١٣]
محمد عليه السلام
مُيّز محمدٌ -عليه الصلاة والسلام- على سائر الأنبياء والرسل بالعديد من الميزات، من أبرزها: أنّه خاتمهم وآخرهم، وأنّ رسالته خاتمة الرسالات وآخرها والناسخة لما قبلها من الشرائع، قال -تعالى-: (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـكِن رَّسُولَ اللَّـهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا).[١٤][١٥]
المراجع
- ↑ أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 35-37. بتصرّف.
- ↑ أحمد حطيبة، تفسير أحمد حطيبة، صفحة 5. بتصرّف.
- ↑ سورة العنكبوت، آية:14-15
- ↑ مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة العقدية الدرر السنية، صفحة 472. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:125
- ↑ سورة العنكبوت، آية:27
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:6526، صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة العقدية الدرر السنية، صفحة 472. بتصرّف.
- ↑ سورة الأعراف، آية:144
- ↑ عمر سليمان الأشقر، الرسل والرسالات، صفحة 218. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة العقدية الدرر السنية، صفحة 473. بتصرّف.
- ↑ سورة مريم، آية:16-21
- ↑ مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة العقدية الدرر السنية، صفحة 474. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية:40
- ↑ أبو البراء محمد بن عبدالمنعم آل عِلاوة (28/7/2015)، "ما اختص به النبي صلى الله عليه وسلم عن غيره من الأنبياء في الدنيا"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 3/8/2021. بتصرّف.