مهن الأنبياء

أولى الله -تعالى- العمل عنايةً فائقةً، فمن الأولى أن يؤدي كلّ إنسانٍ ما تتطلّبه الحياة من الأمور والشؤون، فكانت المهنة والحرفة شرفٌ وفضلٌ ولذلك فقد علّمها الله -تعالى- للأنبياء والرسل -عليهم الصلاة والسلام-، فقد احترف كلّ نبي ورسولٍ مهنةً وحرفةً أتقنها واعتزّ بها.[١]


من أول من خاط الثياب من الأنبياء؟

إدريس -عليه الصلاة والسلام- كان أوّل من خاط الثياب من الأنبياء والرسل -عليهم السلام- كما ذكر ذلك ابن حجر في مصنفه فتح الباري على صحيح البخاري نقلاً عن ابن إسحاق، كما ذكر ذلك المناوي أيضاً في مصنفه فيض القدير وأضاف أنّه -عليه السلام- أوّل من لبس الثياب أيضاً وكانت حينها من الجلود.[٢]


نبذةٌ عن إدريس عليه السلام

وردت العديد من الأخبار عن نبيّ الله إدريس -عليه السلام- يُذكر منها:

  • وصف الله -تعالى- نبيّه ورسوله إدريس -عليه السلام- بأنّه من الصابرين الصالحين، فقد قال -سبحانه-: (وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ*وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِينَ).[٣][٤]
  • أثنى الله -عزّ وجلّ- على نبيّه إدريس -عليه الصلاة والسلام- فوصفه بالنبوّة والصديقيّة إذ قال: (وَاذكُر فِي الكِتابِ إِدريسَ إِنَّهُ كانَ صِدّيقًا نَبِيًّا*وَرَفَعناهُ مَكانًا عَلِيًّا*أُولـئِكَ الَّذينَ أَنعَمَ اللَّـهُ عَلَيهِم مِنَ النَّبِيّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّن حَمَلنا مَعَ نوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبراهيمَ وَإِسرائيلَ وَمِمَّن هَدَينا وَاجتَبَينا إِذا تُتلى عَلَيهِم آياتُ الرَّحمـنِ خَرّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا)،[٥] ويُراد بالصديقيّة التصديق التام والأعمال الصالحة الحسنة واختياره لتبليغ وحي الله، أمّا المكان العليّ الوارد في الآيات السابقة فقد اختلف المفسّرون في تأويلها وذهبوا في ذلك إلى قولَين بيانهما آتياً:[٦][٧]
  • القول الأول: قال أكثر أهل التفسير إنّ المُراد بالمكان العليّ المذكور في الآيات السابقة رفع إدريس -عليه الصلاة والسلام- إلى السماء الرابعة استدلالاً بما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (ثُمَّ صَعِدَ بي حتَّى أتَى السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، قيلَ: مَن هذا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قيلَ: ومَن معكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قيلَ: أوَقَدْ أُرْسِلَ إلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قيلَ: مَرْحَبًا به؛ فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَفُتِحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إلى إدْرِيسَ، قَالَ: هذا إدْرِيسُ فَسَلِّمْ عليه، فَسَلَّمْتُ عليه، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بالأخِ الصَّالِحِ والنَّبيِّ الصَّالِحِ...).[٨][٦]
  • القول الثاني: قال بعض العلماء؛ كالبيضاوي والسعدي، إنّ المقصود بالرفع في الآيات السابقة الرفع المعنوي؛ أي أنّ إدريس -عليه الصلاة والسلام- نال مكانةً رفيعةً ومنزلةً جليلةً وهي منزلة النبوّة التي تعدّ أعلى المنازل، قال الإمام البيضاوي: (ورفعناه مكاناً عليّاً يعني: شرفَ النبوة والزُلفى عند الله)، وقال الإمام السعدي: (وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا أي: رفع الله ذكره في العالمين، ومنزلته بين المقرّبين، فكان عالي الذكر عالي المنزلة).
  • دعا إدريس -عليه الصلاة والسلام- إلى توحيد الله، وعبادته وحده وعدم الإشراك به شيئاً، والتمسّك بهدي الله -سبحانه- وتطبيق أوامره واجتناب نواهيه.[٩]


المراجع

  1. الشيخ سعيد عبدالعظيم (1/11/2012)، "الأنبياء والرسل أصحاب مهنة وحرفة"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 8/8/2021. بتصرّف.
  2. "أول من خاط الثياب ولبسها"، إسلام ويب، 1/1/2006، اطّلع عليه بتاريخ 8/8/2021. بتصرّف.
  3. سورة الأنبياء، آية:85-86
  4. أحمد حطيبة، تفسير أحمد حطيبة، صفحة 4. بتصرّف.
  5. سورة مريم، آية:56-58
  6. ^ أ ب ابن كثير، قصص الأنبياء، صفحة 71. بتصرّف.
  7. محمد صالح المنجد (13/5/2014)، "هل الرفع المذكور في قوله تعالى عن إدريس ( ورفعناه مكانا عليا) رفع حقيقي أم معنوي ؟"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 8/8/2021. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن مالك بن صعصعة الأنصاري، الصفحة أو الرقم:3887، صحيح.
  9. أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 58. بتصرّف.