جاء القرآن الكريم على ذكر نبيّ الله داود -عليه السلام-، ومواقف من حياته، وما آتاه من نعمٍ، سخّرها لخدمة نفسه وقومه ودعوته؛ فعمل داود -عليه السلام- حدَّادًا،[١] وفيما يأتي حديثٌ عن مهنته -عليه السلام-، وكيف طوّع ما آتاه الله -تعالى- في عمله، وتولّيه للحكم، وذكرٌ لمهن بعض الأنبياء -عليهم السلام.


الحدادة مهنة داود عليه السلام

عمل نبيّ الله داود -عليه الصلاة والسلام- حدَّادًا؛ فقد يسّر الله -تعالى- له تعلّم هذه الصنعة، كما جاء في قوله تعالى: (وَعَلَّمناهُ صَنعَةَ لَبوسٍ لَكُم لِتُحصِنَكُم مِن بَأسِكُم فَهَل أَنتُم شاكِرونَ)،[٢][٣] وصنعة لبوسٍ؛ أي صناعة الدروع التي ترتدى في الحرب، وأكرمه الله -تعالى- بأن ألان له الحديد؛ فكان يطوّعه ويشكّله للصناعة بسهولةٍ، ويصنع منه الدروع بدقَّةٍ وإتقانٍ، قال تعالى: (وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ* أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).[٤][١]


ما آتاه الله لداود عليه السلام

الملك والحكمة والنبوة

منّ الله -تعالى- على داود -عليه السلام- بأن رزقه الملك والحكمة؛ فقد كان داود مستشارًا لطالوت الذي كان ملكًا على بني إسرائيل، وكان بنو إسرائيل يحبّون داود -عليه السلام-، وبعد وفاة طالوت، أصبح داود ملكًا على بني إسرائيل، وآتاه الله -تعالى- الحكمة وفصل الخطاب، قال تعالى: (وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ)،[٥] ثمّ أكرمه بالنبوّة؛ فبعثه نبيًّا لبني إسرائيل، وأنزل عليه كتاب الزبور.[١]


تسبيح الطير والجبال معه

كان داود -عليه السلام- جميل الصوت، وسريع القراءة، يقرأ الزبور بسرعةٍ وبصوتٍ عذبٍ، وكان يسبّح الله -تعالى- ويذكره؛ فتسبّح معه الجبال والطير، ومن ذلك قول الله -تعالى-: (إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ* وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ)،[٦] وقوله تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ)،[٧] فالجبال والطيور كانت تسبّح لتسبيحه عند سماعه يسبّح أو يقرأ الزبور.[٨]


مهن الأنبياء عليهم السلام

كان أنبياء الله تعالى ورسله -عليهم السلام- كعامَّة البشر ومثلهم؛ فقد مارسوا المهن، وعملوا بأنفسهم، وأكلوا من كسب أيديهم، وفي ذلك دروسٌ وعبرٌ للناس كلّهم تبيّن أهميّة العمل، وضروة أن يخرج الإنسان لكسب رزقه، وألّا يتّكل على غيره، وأمّا عن المهن التي مارسها الأنبياء، ففي ما يأتي ذكر بعضها:[٣]

  • رعي الغنم: فقد رعى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- الغنم في شبابه، وغيره من الأنبياء كذلك؛ لما رواه جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنّه سأل النبي: (أَكُنْتَ تَرْعَى الغَنَمَ؟ قالَ: وهلْ مِن نَبِيٍّ إلَّا وقدْ رَعَاهَا؟!).[٩]
  • التجارة: فقد تاجر عمل النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في شبابه قبل البعثة بالتجارة؛ فسافر للتجارة في أموال السيدة خديجة -رضي الله عنها-.
  • النجارة: فقد كان نبيّ الله زكريا -عليه السلام- نجّارًا؛ كما جاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه-: (كانَ زَكَرِيَّاءُ نَجَّارًا).[١٠]



مواضيع أُخرى:

ما هي معجزات داود؟

عدد أبناء داود

المراجع

  1. ^ أ ب ت أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 404-406. بتصرّف.
  2. سورة الأنبياء، آية:80
  3. ^ أ ب عمر الأشقر، الرسل والرسالات، صفحة 76-77. بتصرّف.
  4. سورة سبأ، آية:10-11
  5. سورة ص، آية:20
  6. سورة ص، آية:18-19
  7. سورة سبأ، آية:10
  8. ابن كثير، معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، صفحة 445. بتصرّف.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:3406، حديث صحيح.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2379، حديث صحيح.