ما هي الظلمات الثلاث لسيدنا يونس؟
قال -سبحانه وتعالى- في قصة يونس -عليه السلام-: (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)،[١]ففي هذه الآية الكريمة يبيّن الله -سبحانه- أنّ يونس -عليه السلام- لمّا ابتلعه الحوت، واشتدّت عليه الظلمات نادى ربه قائلاً: "لا إله إلا أنت سبحانك إنّي كنت من الظالمين"، ولقد عدّ أهل العلم هذه الظلمات بثلاث ظلمات، وهي مرتبة على النحو الآتي:[٢]
- ظلمة الليل.
- ظلمة البحر.
- ظلمة بطن الحوت.
وذلك استناداً للرواية التي وردت في مناجاة يونس -عليه السلام-؛ حيث سمع وهو ببطن الحوت تسبيح الدوابّ والحيتان في البحر، ممّا جعله يدعو ويقول: "إلهي وسيدي ومولاي، في السماء مسكنك، وفي الأرض قدرتك وعجائبك، سيدي، من الجبال أهبطتني، وفي البلاد سيَّرتني، وفي الظلمات الثلاث حبستني..".[٣]
نجاة سيدنا يونس من الظلمات
دعاء سيدنا يونس
ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّ دعاء سيدنا يونس -عليه السلام- كان سبباً من أسباب نجاته من الظلمات؛ حيث قال -صلى الله عليه وسلم- مرشداً أمته إلى أهميته: (دعوةُ ذي النُّونِ إذ دعا وهو في بطنِ الحوتِ: لا إلهَ إلَّا أنتَ سبحانَك إنِّي كنتُ من الظالمينَ؛ فإنَّه لم يدعُ بها رجلٌ مسلمٌ في شيءٍ قطُّ إلَّا استجاب اللهُ له)،[٤] ففي هذا الدعاء تنزيه لله -سبحانه- عن كل عيب أو نقص، وإقرار بألوهيته، وتفرّده في استحقاق العبوديّة، وتضرّع بتصرّفه في شؤون الكون، واعتراف من يونس -عليه السلام- بظلم نفسه لمّا خرج من عند قومه دون إذن منه -سبحانه-.[٢]
شفاعة الملائكة لسيدنا يونس
جاء في الأثر أنّ الملائكة -عليهم السلام- لمّا سمعوا تسبيح يونس -عليه السلام-، وتضرّعه ومناجاته استشفعوا له عند الله -تعالى-، وقالوا له -جلّ في علاه-: (ربَّنا إنَّا نسمعُ صوتًا ضعيفًا بأرضِ غُربةٍ)، فقال -تبارَكَ وتعالى-: (ذلِكَ عبدي يونسُ عصاني فحبَستُهُ في بطنِ الحوتِ في البحرِ)، فقالوا: (العبدُ الصَّالِحُ الَّذي كانَ يصعَدُ إليْكَ منْهُ في كلِّ يومٍ وليلةٍ عملٌ صالِحٌ؟) قال -تبارك وتعالى-: (نعَم، فشفعوا لَهُ عندَ ذلِكَ)،[٥] ثمّ أمر الله -سبحانه- الحوت أن يقذفه إلى الساحل، وبهذا نجى يونس -عليه السلام- من الظلمات.[٦]
ذكر الظلمات الثلاث في القرآن الكريم
ذكر الله -سبحانه- الظلمات الثلاث في القرآن الكريم بسياق مختلف؛ حيث جاء الحديث عنها في خلق الإنسان وهو ببطن أمّه، قال -تعالى-: (يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ۖ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ)؛[٧]وقد ذُكر في ذلك أقوالاً كثيرة، لكنّ جمعاً من المفسرين قالوا إنّ هذه الظلمات هي: ظلمة البطن، وظلمة الرّحم، وظلمة المشيمة التي تحيط بالجنين أثناء الحمل لحفظه.[٨]
مواضيع أخرى:
المراجع
- ↑ سورة الأنبياء، آية:87
- ^ أ ب وهبة الزحيلي، التفسير الوسيط، صفحة 1610، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سبط ابن الجوزي، مرآة الزمان في تواريخ الأعيان، صفحة 280، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن سعد بن أبي وقاص، الصفحة أو الرقم:3505، صححه الألباني.
- ↑ رواه البزار، في البحر الزخار، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:34، لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد.
- ↑ ابن منظور، مختصر تاريخ دمشق، صفحة 109، جزء 28. بتصرّف.
- ↑ سورة الزمر، آية:6
- ↑ حمود الرحيلي، منهج القرآن الكريم في دعوة المشركين إلى الإسلام، صفحة 351-352، جزء 1. بتصرّف.