الكتاب الذي أنزل على سيدنا إبراهيم
أنزل الله -سبحانه- على سيدنا إبراهيم -عليه السلام- صحفاً سمّيت باسمه؛ وقد بلغت نحو عشر صحف، كان مجموع ما فيها نحو أربعين آية، وتجدر الإشارة إلى أنّ القرآن الكريم ذكر صحف إبراهيم -عليه السلام- في عدد من المواضع؛ فمن الآيات التي ذكرتها بالإجمال قوله -تعالى-: (قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ...).[١][٢]
وقوله -تعالى-: (قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ...)،[٣]وقيل إنّ صحف إبراهيم هي الكلمات التي ابتلاه الله -سبحانه- بإخبارها لقومه؛ فبلّغها -عليه السلام- وأتمّ دعوة قومه بها؛ قال -تعالى-: (وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ...).[٤][٢]
وأمّا عن ذكرها صراحةً، ففي قوله -تعالى-: (أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى* وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى* أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)؛[٥] وقوله -تعالى-: (إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى* صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى)؛[٦] والسبب وراء ذكر هذه الصحف أنّ العرب كانت تعرف شريعة إبراهيم -عليه السلام- وما كان عليه من الحنفيّة، أما ذكر صحف موسى -عليه السلام- فلأنّها كانت مشتهرة عند أهل الكتاب، فكانت العرب تُخالط اليهود والنصارى، وكذلك أهل الكتاب يُخالطون العرب، فلذلك خصّ الله -تعالى- ذكرهما.[٢]
ما اشتملت عليه صحف إبراهيم
ذكر بعض أهل العلم أنّ صحف إبراهيم -عليه السلام- تضمنت العديد من الحكم والمواعظ والأمثال؛ وكل ما نعرفه بمقتضى آيات القرآن الكريم أنّ سيدنا إبراهيم -عليه السلام- كان على الملّة الحنيفيّة المستقيمة، ملة توحيد الله -سبحانه- وإفراده بالعبادة.[٧]
ومن العلماء من قال إنّ هذه الصحف لم تأتِ بالأحكام كما في الكتب السماويّة الأخرى، كما أنّها لم تكن من كلام الله -تعالى-، وإنّما كانت وحياً على نسق ما في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أتاني جبريلُ -صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ- فأمرني أن آمرَ أصحابي ومن معي أن يرفعوا أصواتَهم بالإِهلالِ، أو قالَ بالتَّلبيةِ -يريدُ أحدَهما-).[٨][٩]
وذكر بعض المفسرين والمؤلفين أنّ سورة الأعلى كلّها، بما فيها من أحكام كانت في صحف إبراهيم -عليه السلام-؛ وهو قول ابن عباس ومن موافقه، وقيل بعض آياتها التي تتحدث عن الآخرة، وفلاح المؤمن التقي، وخسارة الشقيّ الكافر كانت في صحف إبراهيم -عليه السلام-،[١٠] بالإضافة إلى ما ورد في سورة النجم، من حتميّة الجزاء والحساب، وأنّ كل إنسان مسؤول عن سعيّه أمام الله -تعالى-.[١١]
وقت نزول صحف إبراهيم
نزلت صحف إبراهيم -عليه السلام- في أول ليلة من ليالي شهر رمضان المبارك؛ حيث صحّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (نزَلَتْ صُحُفُ إبراهيمَ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- أوَّلَ ليلةٍ مِن رمَضانَ، وأُنزِلَتِ التَّوراةُ لسِتٍّ مضَيْنَ مِن رمَضانَ، وأُنزِلَ الإنجيلُ لثلاثَ عَشْرَةَ خلَتْ مِن رمَضانَ، وأُنزِلَ الزَّبُورُ لثمانَ عَشْرَةَ خلَتْ مِن رمَضانَ، والقُرْآنُ لأربعٍ وعِشرينَ خلَتْ مِن رمَضانَ).[١٢][١٣]
المراجع
- ↑ سورة البقرة، آية:136
- ^ أ ب ت ابن عاشور، التحرير والتنوير، صفحة 129-130، جزء 27. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية:84
- ↑ سورة البقرة، آية:124
- ↑ سورة النجم، آية:36-38
- ↑ سورة الأعلى، آية:18-19
- ↑ ابن عثيمين، لقاء الباب المفتوح، صفحة 4، جزء 176. بتصرّف.
- ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن السائب بن خلاد، الصفحة أو الرقم:1814، صححه الألباني.
- ↑ البغوي، أبو محمد، التهذيب في فقه الإمام الشافعي، صفحة 371، جزء 5. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، التفسير الوسيط، صفحة 1882، جزء 10. بتصرّف.
- ↑ أبو جعفر ابن جرير الطبري، تفسير الطبري جامع البيان، صفحة 74، جزء 22. بتصرّف.
- ↑ رواه الإمام أحمد، في المسند، عن واثلة بن الأسقع، الصفحة أو الرقم:16984، صححه الألباني.
- ↑ علم الدين السخاوي، جمال القراء وكمال الإقراء، صفحة 71. بتصرّف.