اسم ناقة صالح
ينبغي التنبيه إلى أنّ كتب التاريخ والسير لم تذكر اسماً لناقة صالح -عليه السلام-، عدا عن عدم ثبوت ذلك في الأدلة الصحيحة من الكتاب العزيز والسنة النبوية؛ إنّما ثبت في القرآن الكريم أنّ الله -سبحانه- نسب ناقة صالح إلى جلاله في ثلاثة مواضع؛ حيث قال -سبحانه-:[١]
- (هَـٰذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً ۖ فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ ۖ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).[٢]
- (وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ).[٣]
- (فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا).[٤]
حيث علل العلماء أنّ نسبة الناقة إلى الله -سبحانه- إنّما هي نسبة تشريف؛ فيُقال ناقة الله، وبيت الله، وروح الله، بالإضافة إلى إظهار الفرق بين هذه الناقة التي هي آية من عند الله -سبحانه-، وبين النوق الأخرى المماثلة لها، فتكون مغايرة لما يألفه القوم لعدّة أسباب سنبيّنها فيما يأتي.[١]
ومن الجدير بالذكر في هذا المقام أنّ تغييب القرآن الكريم لبعض التفصيلات والأسماء إنّما هو من باب الإعراض عمّا لا نفع فيه، ولا ضرر بجهالته؛ فيَحسُنُ بالمسلم الالتفات إلى ما فيه الفائدة والنفع، والتصديق الجازم بأنّ الله -سبحانه- جعل هذه الناقة معجزة وآية لقوم صالح -عليه السلام-.
مميزات ناقة صالح
خصّ المولى -سبحانه- ناقة النبي صالح -عليه السلام- بعدد من المميزات التي جعلتها آية لقومه؛ ومن هذه المميزات:
- أنّها خرجت من الصخر؛ فكانت من جنس ما احترف القوم؛ قال -تعالى-: (وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ).[٥][٦]
- أنّها كانت اختباراً وامتحاناً لقوم صالح؛ قال -تعالى-: (إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ).[٧][٨]
- أنّ المساس بها أو عقرها سبب لجلب العذاب الأليم؛ قال -تعالى-: (فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا).[٩][١٠]
- أنّها معجزة واضحة بيّنة، تنذر بالعذاب وتُخوّف من الآخرة؛ قال -تعالى-: (وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا ۚ وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا).[١١][١٢]
وقد تشابهت هذه الناقة مع باقي مخلوقات الله -سبحانه- في طبيعتها الحيوانية؛ بكونها تحتاج إلى الغذاء من الأكل والشرب؛ قال -تعالى-: (هَـٰذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً ۖ فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ)،[٢] وقال -تعالى-: (هَذِهِ نَاقَةٌ لهَا شِرْبٌ وَلكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ).[١٣][١٤]
ما حلّ بناقة صالح
أمر النبي صالح -عليه السلام- قومه بتقاسم الماء بينهم وبين هذه الناقة، لكلٍ منهم يوم خاص للشرب من النهر؛ فإذا كان يوم الناقة امتنع القوم عن الماء وانتفعوا بلبن الناقة، وإذا كان يوم القوم لم تشرب الناقة من الماء؛ ولكنّهم خالفوا أمر الله -سبحانه-.[١٥]
حيث تآمر القوم على قتل هذه الناقة، ونادوا أشدّهم قوةً وبأساً، فأخذ بالأسباب وعقر الناقة؛ فاجتمع في ثمود المكر والتكذيب؛ مما أدى إلى إنزال الله -سبحانه- العذاب الأليم بهم؛ إذ نالتهم صيحة قوية أبادتهم وجعلتهم كالنبات اليابس، الذي تزيله الرياح، فكان الجزاء من جنس العمل، قال -تعالى-: (وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ ۖ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ* فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ* فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ* إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ).[١٦][١٥]
المراجع
- ^ أ ب محمد إسماعيل المقدم، تفسير القرآن الكريم، صفحة 15، جزء 85. بتصرّف.
- ^ أ ب سورة الأعراف، آية:73
- ↑ سورة هود، آية:64
- ↑ سورة الشمس، آية:13
- ↑ سورة الفجر، آية:9
- ↑ صديق حسن خان، فتح البيان في مقاصد القرآن، صفحة 224، جزء 15. بتصرّف.
- ↑ سورة القمر، آية:27
- ↑ أبو البركات النسفي، تفسير النسفي مدارك التنزيل وحقائق التأويل، صفحة 404، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ سورة الشمس، آية:14
- ↑ بسمة بنت عبد الله الكنهل، التفسير بالبيان المتصل في القرآن الكريم، صفحة 75. بتصرّف.
- ↑ سورة الإسراء، آية:59
- ↑ إبراهيم الإبياري، الموسوعة القرآنية، صفحة 231، جزء 10. بتصرّف.
- ↑ سورة الشعراء، آية:155
- ↑ عبد الفتاح إبراهيم سلامة، المعجزات والغيبيات بين بصائر التنزيل ودياجير الإنكار والتأويل، صفحة 166-167. بتصرّف.
- ^ أ ب سعيد حوى، الأساس في التفسير، صفحة 5612، جزء 10. بتصرّف.
- ↑ سورة القمر، آية:28-31