موت هارون عليه السلام

ذكر أهل السير والمؤلفات التاريخيّة عدّة روايات عن وفاة هارون -عليه السلام-، تشابهت فيما بينها في بعض الأمور واختلفت في أخرى؛ فقيل إنّ وفاة هارون -عليه السلام- كانت في التّيه، وقد توفي -عليه السلام- وهو يبلغ من العمر مئة وسبع عشرة سنة، ثم كانت وفاة موسى -عليه السلام- بعده بثلاث سنوات؛ حيث خلفه فتاه الصالح يوشع بن نون من بعده.[١]


وقال جمعٌ من المؤرخين إنّ الله -سبحانه- لمّا أراد قبض هارون -عليه السلام- أوحى إلى نبيّه موسى بذلك؛ وطلب منه أن يأتي به إلى كهف ما، ولمّا وصلا إلى الكهف -عليهما السلام- وجدا فيه شجراً جميلاً، وبيتاً مبنياً بصورة لافتة، كما وجدا داخل هذا البيت سريراً عليه فرشاً ذات ريح طيّبة، فأعجبت هارون -عليه السلام-، وأراد أن ينام عليه إلا أنّه خشي أن يأتي صاحب البيت فيغضب من ذلك، وطلب من أخيه موسى -عليه السلام- أن ينام معه ويشاركه.[٢]


ولكنّ موسى -عليه السلام- حسب هذه الرواية وعَدَه بأن يكفيه شرّ صاحب البيت، وطلب منه أن ينام عليه، فلمّا نام هارون -عليه السلام- قبضه الله -تعالى- إليه وهو على ذاك السرير، وخرج موسى -عليه السلام- إلى قومه من الكهف وحده؛ ممّا جعل بنو إسرائيل يتهمونه بقتل هارون -عليه السلام-؛ لحسده على حبّ بني إسرائيل إيّاه، وقد أنكر عليهم موسى ذلك؛ ولكنّهم أكثروا عليه في الاتهام، فقام موسى -عليه السلام- وصلى ركعتين، طالباً من المولى -عز وجل- أن يُنزل هارون -عليه السلام- بسريره أمام القوم فيصدّقوه، واستجاب الله -تعالى- لنبيّه، وتبيّن للقوم حقيقة موت هارون -عليه السلام-.[٢]


مولد هارون عليه السلام

تذكر المصادر أنّ هارون ولد قبل موسى -عليهما السلام- بعام واحد، تحديداً في عام التّرك؛ الذي يعفو فيه فرعون عن الغلمان فلا يذبحهم؛ بينما ولد موسى -عليه السلام- بعام الذبح؛ لكنّ الله -سبحانه- أوحى إلى أمّه أن تلقيه في البحر، ليلتقطه آل فرعون، ويتربى بينهم؛ وبذلك يحميه الله -سبحانه- من الذبح في ذلك العام.[٣]


نبوة هارون عليه السلام

عندما كلّف الله -سبحانه- نبيّه موسى -عليه السلام-؛ طلب منه أن يعينه على ذلك بإرسال هارون -عليه السلام- معه؛ قال -تعالى- على لسان موسى: (وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي* هَارُونَ أَخِي* اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي* وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي)،[٤]وقال -تعالى- في موضع آخر على لسان موسى -عليه السلام-: (وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ)،[٥]ويتّضح من هذه الآيات الكريمة، ومن سؤال موسى -عليه السلام- ربّه إشراك أخيه معه في الدعوة والرسالة؛ أنّ هارون -عليه السلام- اتصف بعدّة صفات مميزة، نذكر منها:[٦]

  • الشدّة وقوة البأس؛ فيُساند موسى -عليه السلام-، ويُبعد عنه الخوف من أذى الأعداء.
  • الرشد وسداد الرأي؛ فيكون عوناً في التعامل مع الدعوة والمعارضين لها، كما فعل في قصّة عبادة العجل وفتنة بني إسرائيل به.
  • الفصاحة والبيان، وطلاقة اللسان؛ فيكون ذلك عوناً في الإقناع وإقامة الحجج.
  • اللين والهدوء، ورباطة الجأش.



مواضيع أخرى:

قصة سيدنا هارون عليه السلام

من هم أولو العزم من الرسل؟

المراجع

  1. ابن قتيبة، المعارف، صفحة 44، جزء 1. بتصرّف.
  2. ^ أ ب الثعلبي، تفسير الثعلبي الكشف والبيان عن تفسير القرآن، صفحة 45، جزء 4. بتصرّف.
  3. المنهاجي الأسيوطي، إتحاف الأخصا بفضائل المسجد الأقصى، صفحة 128، جزء 2. بتصرّف.
  4. سورة طه، آية:29-32
  5. سورة القصص، آية:34
  6. أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 387-388. بتصرّف.