وهب الله -تعالى- نبيّه يوسف -عليه الصلاة والسلام- جمالاً تميّز به عن جميع البشر، فقد ثبت عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في حديث الإسراء والمعراج أنّ نبيّ الله يوسف -عليه السلام- أُعطي نصف الجمال، قال -عليه الصلاة والسلام-: (ثُمَّ عَرَجَ بي إلى السَّماءِ الثَّالِثَةِ، فاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فقِيلَ: مَنَ أنْتَ؟ قالَ: جِبْرِيلُ، قيلَ: ومَن معكَ؟ قالَ: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قيلَ: وقدْ بُعِثَ إلَيْهِ؟ قالَ: قدْ بُعِثَ إلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنا، فإذا أنا بيُوسُفَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذا هو قدْ أُعْطِيَ شَطْرَ الحُسْنِ)،[١] وفي سورة يوسف ذكر الله -تعالى- حال النسوة اللآتي قطعن أيديهن ذهولاً من جمال يوسف -عليه السلام-، قال -تعالى-: (وَقَطَّعنَ أَيدِيَهُنَّ وَقُلنَ حاشَ لِلَّـهِ ما هـذا بَشَرًا إِن هـذا إِلّا مَلَكٌ كَريمٌ)،[٢] وإلى جانب جمال يوسف -عليه السلام- الخَلْقي تميّز أيضاً بجمال صفاته الأخلاقية التي سيتم ذكرها في المقال.[٣]


صفات يوسف عليه السلام الأخلاقية

ذكر الله -تعالى- في القرآن الكريم وتحديداً في سورة يوسف الأخلاق الرفيعة التي تميّز بها نبيّه يوسف -عليه السلام- التي تُعدّ من أسباب تمكينه ورفعته -عليه الصلاة والسلام-، وتلك الأخلاق هي:[٤][٥]


الحِلم وضبط النفس

يظهر ذلك جليًا عندما اتّهمه إخوته بالسرقة، فقد ضبط نفسه، قال -تعالى-: (قالوا إِن يَسرِق فَقَد سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِن قَبلُ فَأَسَرَّها يوسُفُ في نَفسِهِ وَلَم يُبدِها لَهُم).[٦][٤][٥]


العفو والصفح والتسامح

فرغم ما فعله إخوته به من كيدٍ و إيذاءٍ إلا أنَّ نبيَّ الله يوسف كان متسامحاً معهم، وعفا عما اقترفوه في حقّه، فقال لهم عندما جاءوا معتذرين: (قالَ لا تَثريبَ عَلَيكُمُ اليَومَ يَغفِرُ اللَّـهُ لَكُم وَهُوَ أَرحَمُ الرّاحِمينَ).[٧][٤][٥]


بر الوالدين

كان يوسف -عليه السلام- باراً بوالديه، ومن برّه بهما أجلسهما على كرسي الحكم حينما التقى بهما؛ تكريماً لهما، قال -تعالى-: (وَرَفَعَ أَبَوَيهِ عَلَى العَرشِ وَخَرّوا لَهُ سُجَّدًا وَقالَ يا أَبَتِ هـذا تَأويلُ رُؤيايَ مِن قَبلُ قَد جَعَلَها رَبّي حَقًّا).[٨][٤][٥]


الإحسان

وهو مرتبةٌ متقدمةٌ من الإيمان، ويُقصد به أن يعبد المؤمن الله -تعالى- كأنَّه يراه، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (الإحسانُ أن تعبدَ اللهَ كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يَراك)،[٩] وقد تحلّى به نبيّ الله يوسف -عليه السلام-، وجاء ذكر إحسانه في عدة مواضع من سورة يوسف تأكيداً عليها، يُذكر منها: قوله -تعالى-: (وَكَذلِكَ مَكَّنّا لِيوسُفَ فِي الأَرضِ يَتَبَوَّأُ مِنها حَيثُ يَشاءُ نُصيبُ بِرَحمَتِنا مَن نَشاءُ وَلا نُضيعُ أَجرَ المُحسِنينَ).[١٠][٤][٥]


عزو الفضل ورده إلى الله تعالى

عزا يوسف -عليه السلام- تمكينه ونجاحه ورفعة مكانته والفضل والتوفيق كلِّه لله -تعالى-، فهو المنعّم المتفضّل، كما ورد في قوله -عزّ وجلّ- على لسانه -عليه السلام-: (رَبِّ قَد آتَيتَني مِنَ المُلكِ وَعَلَّمتَني مِن تَأويلِ الأَحاديثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالأَرضِ أَنتَ وَلِيّي فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ تَوَفَّني مُسلِمًا وَأَلحِقني بِالصّالِحينَ).[١١][٤][٥]


العفة والطهارة من السوء والفحشاء

كان يوسف -عليه السلام- شاباً قوياً عفيفاً فمع كل الدواعي التي حاصرته -عليه السلام- لإيقاعه في الفاحشة، ورغم مراودة امرأة العزيز له عن نفسه، إلّا أنّه آثرَ أن يُعذّب ويُسجن على أن يرتكب فاحشة الزنا، فقال وهو يتضرّع إلى الله -تعالى- بأن يصرف عنه كيد النِّسّوة: (قالَ رَبِّ السِّجنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمّا يَدعونَني إِلَيهِ)،[١٢] وقد استجاب الله -تعالى- دعاء نبيّه وصرف عنه كيدهنّ، قال -سبحانه-: (فَاستَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنهُ كَيدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّميعُ العَليمُ).[١٣][٤][٥]

المراجع

  1. رواه الإمام مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:162، صحيح.
  2. سورة يوسف، آية:31
  3. [مصطفى العدوي]، سلسلة التفسير لمصطفى العدوي، صفحة 10. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ث ج ح خ عبدالستار المرسومي (23/4/2015)، "يوسف عليه السلام.. النبي القائد"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 5/11/2021. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت ث ج ح خ د. علي الصلابي، "الإصلاح والأخلاق من قصة يوسف عليه السلام"، المسلم، اطّلع عليه بتاريخ 5/11/2021. بتصرّف.
  6. سورة يوسف، آية:77
  7. سورة يوسف، آية:92
  8. سورة يوسف، آية:100
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:4777، صحيح.
  10. سورة يوسف، آية:56
  11. سورة يوسف، آية:101
  12. سورة يوسف، آية:33
  13. سورة يوسف، آية:34