صفات سيدنا إدريس عليه السلام
وصف القرآن الكريم سيدنا إدريس -عليه السلام- بعدّة صفات جليلة، أثبتتها الآيات القرآنية على النحو الآتي:
التصديق والنبوة
قال -تعالى- في تأكيد نبوّة إدريس -عليه السلام-، وإرسال المولى -سبحانه- له: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا)،[١] أمّا الصدّيق فهو كثير الصدق، الذي صدّق بالوحدانية، وبالأنبياء والمرسلين، وبالبعث واليوم الآخر؛ فقام بالأوامر وابتعد عن النواهي، وبهذا وصف الله -سبحانه- نبيّه إبراهيم -عليه السلام- حين قال: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا).[٢][٣]
الخشوع
وذلك في مجمل الحديث عن الأنبياء -عليهم السلام- المذكورين في سورة مريم؛ من ذرية آدم وممن حمل على سفينة نوح، ومن ذرية إبراهيم -عليهم السلام-، قال -تعالى-: (أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا ۚ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا)،[٤] فجميع هؤلاء الأنبياء أنعم الله -تعالى- عليهم بالهداية، والتوحيد والوحي، والاصطفاء على العالمين بالدعوة والرسالة؛ حتى صفت نفوسهم، واستقامت قلوبهم، وصغت آذانهم للحق حتى إذا سمعوا آيات الله -سبحانه- خرُّوا ساجدين باكين، وذلك شكراً وخشوعاً وتعظيماً لله -تعالى- وآياته وأوامره.[٥]
الصبر والصلاح
قال -سبحانه-: (وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ ۖ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ* وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ)؛[٦]وفي هذه الآية ذكر المولى -سبحانه- عدداّ من أنبيائه الكرام الذين اجتمع فيهم صفتي الصلاح والصبر، وكان إدريس -عليه السلام- منهم؛ فكان صابراً محتسباً في دعوته ونبوته، بالإضافة إلى صلاحه وتقواه؛ وبهذا نال الرفعة والمكانة العالية التي أكرمه الله بها -سبحانه-،[٧]وقد ذكر بعض العلم أنّ صبر إدريس -عليه السلام- كان على تتبّعه الحكمة والعلوم وما لقي في طريقهما من المتاعب، كما قيل إنّه كان يترك النوم والطّعام مدة طويلة لتصفو نفسه للاهتداء إلى الحكمة والعلوم المتنوعة.[٨]
الرّفعة
أكرم الله -سبحانه- سيدنا إدريس -عليه السلام- بالرّفعة والمكانة العالية؛ وفي هذا قال -تعالى-: (وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا)،[٩]وقد تعددت الأقوال في هذه الرفعة؛ فمن العلماء من قال إنّها النبوة والزلفى عند الله -تعالى-، ومنهم من قال هي علوّ المرتبة بالذكر الحسن، ومنهم من قال هي الرّفعة الحقيقية؛ حيث رفعه الله -تعالى- إلى السماوات، وقد تكلّم العلماء وتوسعوا في بيان الوجه الأقرب منها، إذ لم يثبت في ذلك دليل قطعي يكون الفيصل في هذه المسألة.[١٠]
إدريس عليه السلام
تذكر بعض المصادر أنّ سيدنا إدريس -عليه السلام- كان متقدماً على نوح -عليه السلام-، وقيل جاء متأخراً عنه؛ وقد بعثه الله -تعالى- إلى قومه، وأمرهم بشهادة التوحيد وأن يعملوا بها؛ ولكنّهم أبوا، فأهلكهم الله -تعالى-، أمّا عن سبب الاقتصار على شهادة التوحيد لأنّ من صدّق بها نهته عن الفحشاء والمنكرات؛ وفي هذا استدل بعض أهل العلماء بقوله -تعالى-: (إنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَر)،[١١]كما قيل إنّ الزنا والخمر والقتل، وغيرها من الفساد؛ كان محرماً في شريعة إدريس -عليه السلام-.[١٢]
مواضيع أخرى:
المراجع
- ↑ سورة مريم، آية:56
- ↑ سورة مريم، آية:41
- ↑ أبو المظفر السمعاني، تفسير السمعاني، صفحة 294، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ سورة مريم، آية:58
- ↑ محمد أبو زهرة، زهرة التفاسير، صفحة 4662-4663، جزء 9. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنبياء، آية:85-86
- ↑ أحمد حطيبة، تفسير أحمد حطيبة، صفحة 4، جزء 12. بتصرّف.
- ↑ ابن عاشور، التحرير والتنوير، صفحة 129، جزء 17. بتصرّف.
- ↑ سورة مريم، آية:57
- ↑ جامعة المدينة العالمية، لدخيل في التفسير، صفحة 287-288. بتصرّف.
- ↑ سورة العنكبوت، آية:45
- ↑ نجم الدين الغزي، حسن التنبه لما ورد في التشبه، صفحة 411-412، جزء 6. بتصرّف.