النبي صالح عليه السلام
رُويَ عن أهل السير والتراجم أنّ النبي صالح -عليه السلام- ينتهي نسبه إلى النبي نوح -عليه السلام-؛ وهو "صالح بن عبيد بن أسف بن ماشخ بن عبيد بن حاذر بن ثمود" كما ذكر البغويّ، وقد ورد ذكر النبي صالح -عليه السلام- في القرآن الكريم عدّة مرات، على امتداد عدّة سور؛ مثل سورة الأعراف، وسورة هود، وسورة الشعراء.[١]
قوم صالح عليه السلام
أرسل الله -سبحانه- نبيّه صالح -عليه السلام- إلى قوم ثمود؛ وهم قوم سكنوا الحجر ما بين الحجاز والشام إلى وادي القرى حوله،[٢] وسُمّوا بقوم ثمود نسبةً إلى الثمد، وهو الماء القليل، وقد دعاهم نبيّهم صالح إلى عبادة الله وحده، وشكره على نعمه، وترك عبادة الأصنام التي ورثوها عن آبائهم؛ قال -تعالى-: (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ).[٣][٤]
ومن الجدير بالذّكر أنّ ثمود كانت من الأقوام التي سادت الأرض، وأمدّها الله بقوة البنية، وطول البنيان؛ فكانوا ينحتون من الجبال بيوتاً ويسكنوها، ويُقطّعون الأحجار وينقلوها من الوادي إلى القرى خاصّتهم، ورغم كلّ هذا العطاء ما كان منهم إلا الجحود والنكران، كما اشتهرت عندهم الوثنية.[٥]
إضافة إلى التطيّر الذي يعدّ نوعاً من أنواع الشرك؛ الذي يقوم على اتّباع الطير والظباء ونحوها من أنواع الحيوانات، بجعل لكل منها رمزاً للتفاؤل والتشاؤم، فإذا أقدموا على أمر وظهر لهم أنّه شؤم -بحسب معتقداتهم- تراجعوا عنه، باعتقادهم أنّ هذا الأمر قد يجلب لهم ضرّاً أو نفعاً؛ قال -تعالى- على لسانهم: (قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ).[٦][٥]
معجزة صالح عليه السلام
أيّد الله -سبحانه- نبيّه صالح -عليه السلام- بمعجزة جليلة من ذات الحجر الذي ينحتون فيه، فكانت ناقة خرجت من الصخر حيّة تأكل وتشرب وتدرّ اللبن، وقد أخبرهم نبيّهم صالح أنّ هذه الناقة ستقاسمهم الماء، فيكون لهم يومٌ يشربون منه، ويكون لها في مقابل ذلك يومٌ تشرب منه، وفي هذا اليوم ينتفع القوم من لبنها فيشربون هم كذلك؛ قال -تعالى-: (قَالَ هَـٰذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ).[٧][٨]
ولقد حذّرهم صالح -عليه السلام- من المساس بها بسوء أو ضرر؛ فيحلّ عليهم العذاب؛ قال -تعالى-: (هَـٰذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً ۖ فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ ۖ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)،[٩] فما رعوها حقّ رعايتها، وتآمروا على قتلها، ثم عقروها، وحلّ بهم ما كانوا يُوعدون.[٨]
عذاب قوم صالح عليه السلام
قال -تعالى- في عذاب قوم ثمود بعد أنّ عصوا أمره -سبحانه-: (إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ)،[١٠]إذ أرسل المولى عليهم صيحة قويّة، صاحها جبريل -عليه السلام- بهم فماتوا من قوتها، وهمدوا، وأصبحوا كالنبات والزرع اليابس؛ الذي تدوسه الدّواب وتحطّمه، ثم تنقله الرياح، وتحمله معها، وذلك جزاء كفرّهم وتكذيبهم للنبيّ صالح، ولطغيانهم رغم كل الدلائل التي حذّرتهم من العذاب وسوء العاقبة.[١١]
المراجع
- ↑ وهبة الزحيلي، التفسير المنير، صفحة 272، جزء 8. بتصرّف.
- ↑ صديق حسن خان، فتح البيان في مقاصد القرآن، صفحة 395، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ سورة هود، آية:61
- ↑ محمد سيد طنطاوي، التفسير الوسيط لطنطاوي، صفحة 231، جزء 7. بتصرّف.
- ^ أ ب أبو بكر محمد زكريا، الشرك في القديم والحديث، صفحة 252-253، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة النمل، آية:47
- ↑ سورة الشعراء، آية:155
- ^ أ ب [فهد الرومي]، دراسات في علوم القرآن، صفحة 10. بتصرّف.
- ↑ سورة الأعراف، آية:73
- ↑ سورة القمر، آية:31
- ↑ وهبة الزحيلي، التفسير المنير، صفحة 166-168، جزء 27. بتصرّف.