أم يحيى عليه السلام
تعددت الأقوال في المصادر التاريخيّة بحقيقة أم النبي يحيى -عليه السلام-، والتي هي زوجة زكريا -عليه السلام-، وفيما يأتي تلخيص ذلك:[١]
- قيل إنها إيشاع بنت قافوذ، وأخت حنّة بنت قافوذ أمّ مريم -عليها السلام-؛ وبهذا قال الطبري، وبناءً عليه يكون يحيى ابن خالة مريم -عليهما السلام-، ويكون لعيسى ابن خالة أمه، ولقد استشهد أصحاب هذا القول بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- ليلة الإسراء والمعراج حيث قال: (فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا يَحْيَى وعِيسَى وهُما ابْنَا خَالَةٍ، قالَ: هذا يَحْيَى وعِيسَى فَسَلِّمْ عليهمَا، فَسَلَّمْتُ فَرَدَّا، ثُمَّ قالَا: مَرْحَبًا بالأخِ الصَّالِحِ والنبيِّ الصَّالِح).[٢]
- قيل إنها إيشاع بنت عمران، وعلى هذا القول يكون يحيى ابن خالة عيسى -عليهما السلام- على الحقيقة، حتى قال بعض أهل العلم إنّ حُجة زكريا -عليه السلام- قويت بكفالة مريم -عليها السلام-؛ لأنّه أراد ضمّها إلى خالتها لمّا تنازع الملأ في كفالتها.[٣]
ذكر أم يحيى في القرآن الكريم
وردت قصة زكريا -عليه السلام- وزوجته في القرآن الكريم؛ حيث كانت أم يحيى -عليه السلام- امرأة عقيمة لا تلد، وقد بلغ النبي زكريا -عليه السلام- الكبر؛ فكان دائم الدعاء والمناجاة ليرزقه الله الذرية الطيبة، قال -تعالى-: (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا)؛[٤] فكانت استجابة الله -تعالى- له؛ حيث رزقه بيحيى -عليه السلام- وسط تعجب زكريا وزوجته؛ لكنّ الله -سبحانه- بقدرته وعظمته يفعل ما يشاء، قال -تعالى-: (قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ ۖ قَالَ كَذَٰلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ).[٥][٦]
عوض الله سبحانه لأم يحيى
جبر الله -سبحانه- قلب أم يحيى بالبشارة التي بشّرها لنبيه زكريا -عليه السلام-، فهانت سنوات العقم والوحدة عندما رزقها الله -سبحانه- بيحيى -عليه السلام-، الذي اتصف بكامل الأوصاف والسمات؛ فكان مصدقاً بكلمة من الله وهو عيسى -عليه السلام-، وسيداً في قومه ونبياً من أنبياء الله -تعالى-، وصالحاً حصيناً عن الشهوات والفواحش؛ بالإضافة إلى أنّ الله -سبحانه- هو من سمّاه بهذا الاسم؛ قال -تعالى-: (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا)،[٧] وقال -تعالى-: (فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ).[٨][٩]
بالإضافة إلى ما أكرمه به -سبحانه- من القوة والعلم والحكمة منذ الصغر؛ قال -تعالى-: (يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ۖ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا)،[١٠]كما زاده المولى -برحمته وحنانه- تقوى وإيماناً، وجعله بارّاً بوالديه؛ فلم يكن متجبراً أو شقياً؛ قال -تعالى-: (وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً وَكانَ تَقِيًّا* وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا* وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا)،[١١] وكلّ هذا رحمة بوالديه، وكرماً من المولى -سبحانه-.[١٢]
المراجع
- ↑ محمد علي الصابوني، مختصر تفسير ابن كثير، صفحة 443، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن مالك بن صعصعة الأنصاري، الصفحة أو الرقم:3430، صحيح.
- ↑ الثعلبي، تفسير الثعلبي الكشف والبيان عن تفسير القرآن، صفحة 268، جزء 8. بتصرّف.
- ↑ سورة مريم، آية:5
- ↑ سورة آل عمران، آية:40
- ↑ [أحمد أحمد غلوش]، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 461. بتصرّف.
- ↑ سورة مريم، آية:7
- ↑ سورة آل عمران، آية:39
- ↑ محمد سيد طنطاوي، التفسير الوسيط، صفحة 95، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سورة مريم، آية:12
- ↑ سورة مريم، آية:13-15
- ↑ وهبة الزحيلي، التفسير الوسيط، صفحة 465، جزء 2.