سدوم هي إحدى القُرى التي أُرسل إليها نبيّ الله لوط -عليه السّلام-؛ حيث أُرسل -عليه السّلام- إلى خمس قُرى كانت سدوم أعظمها، وتقع سدوم في الغور شرقيّ الأردن على البحر الميّت، وقد عبد قومها آلهةً عدّةً، ووصفها القرآن الكريم في قوله -تعالى- بالقرية: (الَّتي كانَت تَعمَلُ الخَبائِثَ)،[١] حيث جاؤوا على فعل منكراتٍ وفواحش لم يسبق أن فعلها قبلهم أحدٌ؛ إذ كان الذكور منهم يأتون الذكور مُنحلّين عن الفطرة السليمة، وكانوا يقطعون الطرق، ويفعلون المنكرات عند اجتماعهم في ناديهم، كما قال الله -تعالى- فيهم: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ* أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ)،[٢] وسدوم كما يقول المفسّرون هي القرية التي ذكرت في القرآن بأنّها أُمطرت مطر السوء في قول الله -تعالى-: (وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ).[٣][٤][٥][٦]


لوط النبي الذي أرسله الله إلى سدوم

أرسل الله -تعالى- إلى سدوم نبيّه لوط -عليه السّلام-، وقد انتقل لوطٌ -عليه السّلام- إلى سدوم بعد مغادرته لعمّه إبراهيم -عليه السّلام-، واستقرّ فيها وتزوّج من عرب سدوم، وحين أمره الله -تعالى- بالدعوة؛ أخذ لوط يدعو قومه وينهاهم عمّا يفعلون من الفواحش، لكنّهم كذّبوا لوطًا ولم يؤمنوا معه، واستمرّوا على ما هم عليه من الفواحش، قال الله -تعالى- واصفًا دعوة لوط -عليه السّلام- لقومه: (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ* إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ* إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ* فَاتَّقُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُونِ* وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ* أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ* وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ)،[٧] وقيل إنّه لم يؤمن مع لوط -عليه السّلام- أحدٌ إلا ابنتيه؛ فلم يكن في القرية كلّها بيتٌ مؤمنٌ إلا بيت لوط بدلالة قوله -تعالى-: (فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ).[٨][٦]


عاقبة أهل سدوم

أصرّ أهل سدوم على الكفر وفعل الفواحش، ولم يستجيبوا للوط -عليه السّلام- بل أرادوا إخراجه وأهله كما في قوله -تعالى-: (أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ)،[٩] وأراد الله -تعالى- أن يبتلي قوم لوطٍ قبل إهلاكهم فأرسل ملائكةً على هيئة بشرٍ إلى لوط -عليه السّلام- بعد أن كانوا عند إبراهيم -عليه السّلام-، ولمّا رأى لوط ضيوفهم خاف عليهم من قومه وضاق لعجزه من أن يمنع قومه عنهم، فطمأنته الملائكة أنّهم رسلٌ من الله ولن ينال قومه منهم، وأمروه أن يخرج من القرية هو وأهله باستثناء زوجته؛ لأنّها لم تؤمن، وأرسل الله -تعالى- على قوم لوط حجارةً من السماء كالمطر، كما جاء في قوله -تعالى-: (فَلَمّا جاءَ أَمرُنا جَعَلنا عالِيَها سافِلَها وَأَمطَرنا عَلَيها حِجارَةً مِن سِجّيلٍ مَنضودٍ* مُسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَما هِيَ مِنَ الظّالِمينَ بِبَعيدٍ)،[١٠] فأهلك الله قوم سدوم، وما زالت بقايا آثار سدوم موجودةً للعظة والاعتبار، قال الله -تعالى-: (وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ).[١١][٦][١٢]


المراجع

  1. سورة الأنبياء، آية:74
  2. سورة العنكبوت، آية:28-29
  3. سورة الفرقان، آية:40
  4. ابن عبد المنعم الحميري، الروض المعطار في خبر الأقطار، صفحة 308.
  5. أبو جعفر الطبري، تفسير الطبري، صفحة 273. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 147-153. بتصرّف.
  7. سورة الشعراء، آية:160-166
  8. سورة الذاريات، آية:36
  9. سورة النمل، آية:56
  10. سورة هود، آية:82-83
  11. سورة العنكبوت، آية:35
  12. ابن عاشور، التحرير والتنوير، صفحة 237. بتصرّف.