جد يعقوب عليه السلام

جد يعقوب عليه السلام هو نبيّ الله إبراهيم -عليه السلام-، حيث إنّ الملائكة بشّرت إبراهيم -عليه السلام- بولادة ابنه إسحاق ومن ورائه يعقوب -عليهما السلام-، فهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم -عليهم السلام جميعاً-،[١] وقد ثبت ذلك في النصوص الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ونذكر الأدلّة الشرعية على ذلك فيما يأتي:

  • الدليل من القرآن

قال الله -سبحانه- عن بشارة الملائكة لإبراهيم -عليه السلام-: (وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ* فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ* وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ).[٢]


  • الدليل من السُّنّة

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الْكَرِيمُ ابنُ الكَرِيمِ ابْنِ الكَرِيمِ ابْنِ الكَرِيمِ: يُوسُفُ بنُ يَعْقُوبَ بنِ إسْحاقَ بنِ إبْراهِيمَ عليهمُ السَّلاَمُ).[٣]


هل عاش يعقوب في عصر جدّه؟

عند البحث في معاصرة يعقوب -عليه السلام- لجدّه إبراهيم عليه السلام نجد أنّ أقوال أهل التفسير تعدّدت في ذلك بحسب قراءتهم للآية الكريمة التي أوصى بها إبراهيم -عليه السلام- بَنِيه بالتمسّك بالدين، وهي قول الله -تعالى-: (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)،[٤] وتوضيح أقوالهم فيما يأتي:


القول الأول: لم يُدرك جدّه

قال القشيري -رحمه الله- إنّ لفظ يعقوب -عليه السلام- يُقرأ بالرفع، وهذا يعني أنّه معطوف على إبراهيم -عليه السلام-، ويعني ذلك أيضاً أنّه أوصى أبناءه كما أوصى إبراهيم -عليه السلام- بَنِيه، أمّا قراءة لفظ يعقوب بالنّصب فهي بعيدة ونفاها القشيري، وقال: "وَهُوَ بَعِيدٌ، لِأَنَّ يَعْقُوبَ لَمْ يَكُنْ فِيمَا بَيْنَ أَوْلَادِ إِبْرَاهِيمَ لَمَّا وَصَّاهُمْ، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ يَعْقُوبَ أَدْرَكَ جَدَّهُ إِبْرَاهِيمَ، وَإِنَّمَا وُلِدَ بَعْدَ مَوْتِ إِبْرَاهِيمَ".[٥]


القول الثاني: أدرك جدّه ووصيّته

رجّح ابن كثير -رحمه الله- إدراك يعقوب لجدّه إبراهيم -عليهما السلام-، استناداً إلى قراءة بعض السّلف للفظ يعقوب بالنَّصب، فيكون حينئذٍ معطوف على لفظ بَنِيه، وهذا يعني أنّ إبراهيم -عليه السلام- وصّى أبناءه وابن ابنه يعقوب -عليه السلام-، وكان حاضراً بين أبنائه أثناء الوصية، وهذا يعني أنّ يعقوب -عليه السلام- عاصر جدّه وعاش في زمنه.[٦]


أما القول بأنّ يعقوب -عليه السلام- قد وُلِد بعد وفاة النبي إبراهيم -عليه السلام- فيرى ابن كثير أنّ ذلك يحتاج لدليلٍ صحيح، وظاهر النصوص يُشير إلى أنّ يعقوب -عليه السلام- وُلِد في حياة جدّه وزوجته سارة، لأنّ البشارة كانت بهما في قول الله -تعالى-: (فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ)،[٧] وقال -تعالى-: (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً)،[٨] ولو وُلِد يعقوب بعد وفاة جدّه لَما كان من ذكره في هذه الآيات فائدة كبيرة.[٦]


القول الثالث: الترجيح بين القولين

إنّ قراءة لفظ يعقوب بالنّصب قراءةٌ شاذّة، أمّا قراءته بالرّفع فهي قراءة الجمهور،[٩] وقد ذكر ابن حيّان القراءتان في كتابه، وقال إنّ القراءة بالرّفع هي قراءة الجمهور، وتُفيد بأنّ يعقوب في هذه الآية معطوفٌ على إبراهيم.[١٠]


وهذا يعني أنّه وصّى بنيه كما وصّى إبراهيم بَنِيه، ومن ذلك يُعرف عدم ثبوت معاصرة يعقوب -عليه السلام- لجدّه، وعدم ثبوت عكس ذلك أيضاً، أمّا قراءة لفظ يعقوب بالنّصب فيكون العطف حينها على لفظ بَنِيه، وهذا يعني أنّه كان موجوداً بين الأبناء حين الوصيّة.[١٠]

المراجع

  1. أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 184. بتصرّف.
  2. سورة هود، آية:69-71
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:3382، صحيح.
  4. سورة البقرة، آية:132
  5. القرطبي، تفسير القرطبي، صفحة 136، جزء 2. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ابن كثير، تفسير ابن كثير، صفحة 446، جزء 1. بتصرّف.
  7. سورة هود، آية:71
  8. سورة الأنبياء، آية:72
  9. "هل أدرك نبي الله يعقوب جدّه الخليل وحضر وصيته؟"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 2/2/2023. بتصرّف.
  10. ^ أ ب أبو حيان الأندلسي، البحر المحيط في التفسير، صفحة 636، جزء 1. بتصرّف.