تاريخ ظهور الأنبياء

قصّ الله -سبحانه وتعالى- علينا قصص بعضِ الأنبياءِ الذينَ أرسلهم إلى الأمم والأقوام، ولم يذكر لنا قصص بعضهم،^[١] قال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ)،^[٢] وأما بالنسبة لتاريخ ظهور أوّل نبيٍّ وهو آدم عليهِ السلام؛ فلم يرد تاريخ نزوله عليه السلام، إلّا أنّ بعض العلماءِ حاولوا بالتقريب أن يرتّبوا الأنبياء والرسل حسب زمن بعثتهم، وذلك من خلالِ جمعِ النصوصِ الشرعيةِ وتحليلها.^[٣]

ترتيب الأنبياء والرسل حسب بعثتهم

يمكن إجمال ترتيب ظهور الرسل والأنبياء الذين ذكرهم القرآنِ الكريمِ والسنة النبويّة على النحو الآتي:^[٤]

• آدم عليه السلام: وكان أول الأنبياء، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ).^[٥]
• إدريس عليه السلام: وقد جاء ذِكره في القرآن الكريم بوصفه صدّيقًا وله مكانةٌ عاليةٌ، قال تعالى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا* وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا)،^[٦] ومن العلماء من قال إنّ نوحًا -عليه السلام- كان قبله.
• نوح عليه السلام: وقيل إنّ بينه وبينَ آدم -عليهِ السلام- عشرة قرونٍ، قال تعالى: (وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ).^[٧]
• هود عليه السلام: وقومه عاد، وكانوا خلفًا لقوم نوح عليهِ السلام، قال تعالى: (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ).^[٨]
• صالح عليه السلام: وقومه ثمود، وهم خلفٌ لقوم عاد، قال تعالى: (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آَيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).^[٩]
• إبراهيم عليه السلام: قال تعالى: (أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ).^[١٠]
• لوط عليه السلام: وكان معاصرًا لإبراهيم عليهِ السلام، قال تعالى: (فَآَمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).^[١١]
• شعيب عليه السلام: وقيل إنّه بُعثَ بعد قوم لوط -عليهِ السلام- بفترةٍ قصيرةٍ، قال تعالى: (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ).^[١٢]
• إسماعيل وإسحاق ويعقوب عليهم السلام: فإسماعيل وإسحاق ابنا إبراهيم ويعقوب ابن إسحاق من ذريّته، قال تعالى عن إبراهيم: (فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا).^[١٣]
• يوسف عليه السلام: وقد جاءت سورة يوسف في القرآن الكريم تتحدث عن حياته وبعثته، قال تعالى: (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ).^[١٤]
• أيوب عليهِ السلام: وردت الإشارة إلى نبوتهُ في القرآن الكريم، وذكر اسمه مع جملةٍ من الأنبياء، ومن ذلك قوله تعالى: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا).^[١٥]
• ذو الكفل عليه السلام: ودليل نبوّته؛ ذكره في الآيات الكريمة في سياق ذكر عددٍ من الأنبياء عليهم السلام، قال تعالى: (وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ).^[١٦]
• يونس عليه السلام: وقيل إنّ زمنه كان قبل موسى عليه السلام، وأنّ قومه آمنوا بالله؛ لذلك رفعَ عنهم العذاب، قال تعالى: (فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آَمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آَمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ).^[١٧]
• موسى وأخوه هارون عليهما السلام: أرسلا إلى فرعون وقومهما من بني إسرائيل، قال تعالى: (وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ)،^[١٨] وقد عاصرهما الخضر عند من رجّح من العلماء أنّه نبيٌّ.
• يوشع بن نون عليه السلام: ورد ذكره في السنّة النبويّة على أنّه فتى موسى الذي رافقه.
• إلياس وبعده اليسع عليهما السلام: وجاء ذكرهما في القرآن الكريم، ومن ذلك قوله تعالى: (وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ).^[١٩]
• نبي بني إسرائيل: وهو النبيّ الذي وردت الإشارة إليه في القرآن الكريم أنّه بُعث لبني إسرائيل دون ذكرٍ لاسمه، وذلك في قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ).^[٢٠]
• داود وابنه سليمان عليهما السلام: حيث بعث الله تعالى داود نبيًّا وآتاه الحكم والنبوّة، وورثهما ابنه سليمان من بعده، قال تعالى: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ).^[٢١]
• زكريا وابنه يحيى عليهما السلام: وقد جاء ذكرهما في القرآن الكريم، ومن ذلك قوله تعالى: (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ* فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ).^[٢٢]
• عيسى عليه السلام: وهو آخر نبيٍّ قبل النبيّ محمد عليه الصلاة والسلام، وجاء مبشّرًا به، كما في قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّـهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ).^[٢٣]
• محمد عليه الصلاة والسلام: وهو خاتم الأنبياء والمرسلين، قال تعالى: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا).^[٢٤]

عدد الأنبياء والرسل

ذُكرَ في القرآنِ الكريمِ خمسٌ وعشرون نبيًّا بأسمائهم، قال تعالى: (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ* وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ* وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ* وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ)،^[٢٥] والسبعة الآخرون ورد ذكرهم في القرآنِ الكريمِ في آياتٍ متفرّقةٍ، وأمّا عددهم فهم جمٌّ غفيرٌ لم يُذكر بالتحديد، ولم تُعرف أسماؤهم كلّهم إلّا من ورد ذكرهم صراحةً في القرآن الكريم أو السنة النبويّة.^[١]

وظيفة الأنبياء والرسل

أرسل الله تعالى الأنبياء والرسل -عليه السلام- إلى الأمم والأقوام؛ لأداء وظيفةٍ كلّفهم بها، وتتمثّل وظيفة الرسل في الآتي:^[٢٦]

• الإنذار والتبشير: فالرسل يبشرون برضوان الله تعالى وجنته، وينذرون الكافرين والعصاة من عقابه.
• إقامة الدين: فجميع الأنبياء والمرسلين جاءوا لإقامة دين الله وشرعه على الأرض.
• تحقيق التوحيد: حيثُ جاءَ الأنبياء والمرسلون بالدعوة إلى توحيد الله تعالى في ربوبيّته وألوهيّته وأسمائه وصفاته.
• تحقيق مكارم الأخلاق: فالأنبياء والرسل قدوةٌ للناس في أخلاقهم وصفاتهم.