ختم النبوّة

شاء الله -تعالى- أن يُرسل نبيّه محمّدًا -عليه الصّلاة والسّلام- للبشريّة كلّها كما جاء في قوله -تعالى-: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)،[١] وأن يجعله آخر الأنبياء والمرسلين ورسالته هي الخاتمة، وأن يكتمل الدين وشريعته به -عليه الصّلاة والسّلام-،[٢] وإن خصّ الله -تعالى- نبيّه محمدًا بالنبوّة إلّا أنّه بشرٌ كسائر البشر؛ فقد كتب الله -تعالى- عليه الموت كما كتبه على كلّ البشر؛ فقال -تعالى-: (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ)،[٣] كما قال -تعالى- مخاطبًا نبيّه نافيًا الخلود في الدنيا لأحدٍ من خلقه: (وَما جَعَلنا لِبَشَرٍ مِن قَبلِكَ الخُلدَ أَفَإِن مِتَّ فَهُمُ الخالِدونَ)،[٤] وتاليًا حديثٌ عن وفاة النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- ومكان دفنه.


أين دفن النبيّ محمد؟

حين جاء أجل النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- والتحق بالرفيق الأعلى، جهّزه الصحابة -رضي الله عنهم- ليدفنوه ووضعه على فراشه، فاختلف الصحابة في دفنه، فمنهم مَن رأى أن يُدفن في المسجد، ومنهم مَن رأى دفنه مع أصحابه، وأمّا أبو بكرٍ فقال إنّ الأنبياء يُدفنون حيث قُبضت أرواحهم؛ فرفع فراش النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- وحُفر تحته وواروه الثرى، فكان مكان دفن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- كما أثبتت الروايات بالتواتر في حجرة زوجته عائشة -رضي الله عنها- الواقعة في الجهة الشرقيّة داخل المسجد النبويّ في المدينة المنوّرة، وبجانبه دفن أبو بكرِ وعمر بن الخطّاب -رضي الله عنهما-.[٥]


وفاة النبيّ محمد

بعد عودة النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- من الحجّ استأنف ترتيب شؤون المسلمين؛ فأعد جيشاً بقيادة أسامة بن زيد لغزو الروم، إلّا أنّه -عليه الصّلاة والسّلام- مرض واشتد عليه المرض، وكان مقيماً في حُجرة عائشة -رضي الله عنها-، ولمّا دنا أجله وبدأ بالاحتضار مستنداً إلى عائشة، وقد دخل أخوها عبد الرحمن ومعه السواك فأشار النبيّ يريد أن يستاك، فأخذته عائشة وليّنته له؛ فاستاك به، وكان يأخذ الماء في يده يمسح وجهه من شدّة ما يعانيه من سكرات الموت وهو يقول: (لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، إنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ)،[٦] فلمّا فرغ من السواك شخص بصره إلى السّماء وحرّك إصبعه، وقال آخر كلامٍ له -عليه الصّلاة والسّلام-: (مع الَّذِينَ أنْعَمَ اللَّهُ عليهم مِنَ النبيِّينَ والصِّدِّيقِينَ والشُّهَدَاءِ والصَّالِحِينَ)،[٧] ودعا: (اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى)،[٨] وكرّرها ثلاثاً، ثمّ لحق بالرفيق الأعلى، فكانت بداية مرضه -عليه الصّلاة والسّلام- في التاسع والعشرين من شهر صفر في السنة الحادية عشر من الهجرة واستمر مرضه إلى أن وافاه الأجل والتحق بالرفيق الأعلى في ضحى يوم الاثنين الموافق للثاني عشر من شهر ربيع الأول لعام أحد عشر من الهجرة، وكان عمره حين وفاته -عليه الصّلاة والسّلام- ثلاثاً وستّين، وقد صّلى عليه أهله وصحابته -رضي الله عنهم- صلاة الجنازة، وحزنوا لفقده حزناً عظيماً؛ حتى قال أنس بن مالك -رضي الله عنه- واصفاً يوم وفاة النبيّ: (فما كانَ أقبحَ ولا أظلَمَ من يومٍ ماتَ فيهِ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ).[٩][١٠][١١]


المراجع

  1. سورة سبأ، آية:28
  2. مجموعة من المؤلفين، موسوعة المفاهيم الإسلاميّة العامّة، صفحة 255. بتصرّف.
  3. سورة الزمر، آية:30
  4. سورة الأنبياء، آية:34
  5. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 248-249. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:6510، صحيح.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:4586، صحيح.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:6348، صحيح.
  9. رواه الوادعي، في الصحيح المسند، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:133، صحيح.
  10. صفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم، صفحة 404-405. بتصرّف.
  11. سعيد حوى، كتاب الأساس في السنة وفقهها، صفحة 1000. بتصرّف.