تشريع الأذان

الأذان شعيرةٌ من شعائر الإسلام الظّاهرة، وقد شُرع في السنة الأولى من الهجرة، حيث كان المسلمون أوّل قدومهم إلى المدينة المنوّرة يقدّرون وقت الاجتماع للصلاة تقديراً، ولم يكن يُنادى لها قبل حتّى شُرع الأذان، ودليل ذلك ما رواه عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-: (كانَ المُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا المَدِينَةَ يَجْتَمِعُونَ فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلَاةَ ليسَ يُنَادَى لَهَا، فَتَكَلَّمُوا يَوْمًا في ذلكَ، فَقالَ بَعْضُهُمْ: اتَّخِذُوا نَاقُوسًا مِثْلَ نَاقُوسِ النَّصَارَى، وقالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ بُوقًا مِثْلَ قَرْنِ اليَهُودِ، فَقالَ عُمَرُ: أوَلَا تَبْعَثُونَ رَجُلًا يُنَادِي بالصَّلَاةِ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا بلَالُ قُمْ فَنَادِ بالصَّلَاةِ).[١][٢]

من هو مؤذن النبي؟

بداية اتخاذ الأذان للصلاة كانت برؤيا رآها عبد الله بن زيد -رضي الله عنه- في منامه؛ إذ رأى رجلاً ألقى عليه كلمات الأذان لتُتّخذ طريقةً للنداء للصلاة، فأخبر عبد الله النبيّ بما رأى، فأجابه النبيّ بأنّها رؤيا حقٍّ، وأمره أن يلقي ما سمع من كلمات الأذان على بلال بن رباح -رضي الله عنه- لأنّ صوته أحسن وأرفع، ومن وقتها اعتُمد الأذان وسيلةً للإشعار بدخول وقت الصلاة والنداء لها،[٢] وقد كان للنبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أربعة مؤذّنين؛ اثنان منهما في المدينة المنوّرة، وواحدٌ في مسجد قباء، وآخر في مكّة المكرّمة، وتاليًا تعريفٌ بهم:[٣][٤]

  • بلال بن رباح: وهو أوّل مؤذّنٍ للنبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- في المدينة المنوّرة، وقد لزم النبيّ وبقي مؤذّنًا له؛ حتّى إذا توفّي النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- امتنع بلال -رضي الله عنه- عن الأذان ولم يؤذّن حتّى في فترة الخلفاء الراشدين، إلّا حين دخل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فاتحاً أذّن بلال حينها وتذكّر النبيّ فبكى بكاءً شديداً.
  • عمرو بن أمّ مكتوم: وكان -رضي الله عنه- يؤذّن للنبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- في المدينة المنوّرة، وتوفّاه الله في آخر خلافة عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه-.
  • سعد بن عائذ: ويسمّى سعد القرظ -رضي الله عنه-، اتخذه النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- مؤذّنًا لمسجد قباء، فلمّا توفّي النبيّ وترك بلالٌ الأذان، انتقل سعدٌ للأذان في المسجد النبويّ بطلبٍ من أبي بكر الصدّيق -رضي الله عنه-.
  • أبو محذورة: وهو أوس بن معير -رضي الله عنه-، وكان مؤذّنًا في مكّة المكرّمة وتوفّي فيه سنة تسعٍ وخمسين للهجرة.


فضل المؤذّنين

اختصّ الله -تعالى- المؤذّنين بثوابٍ وأجرٍ عظيمٍ؛ ومن ذلك أنّه يشهد للمؤذّن كلّ من يسمع صوته يوم القيامة كما رُوي عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- قوله: (لا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ المُؤَذِّنِ، جِنٌّ ولَا إنْسٌ ولَا شيءٌ، إلَّا شَهِدَ له يَومَ القِيَامَةِ)،[٥] وورد في روايات أنّه يُغفر للمؤذّن مدى صوته؛ أي لغاية ما يصل صوته، كما أنّ المؤذّنين يكونون أطول الناس عنقاً يوم القيامة كما روى معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- عن النبيّ قوله: (الْمُؤَذِّنُونَ أطْوَلُ النَّاسِ أعْنَاقًا يَومَ القِيَامَةِ)؛[٦] وذلك كنايةً عن كثرة ما يرونه من الثواب، وقيل إنّ معنى ذلك أنّ الناس يوم القيامة يلجمهم العرق فتطول أعناق المؤذّنين؛ حتّى لا يصيبهم ما يصيب الناس من الكرب والعرق، وورد في رواياتٍ أخرى بأنّهم أطول الناس إعناقاً بكسر الهمزة؛ أي إسراعاً إلى الجنّة.[٧]

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:604، صحيح.
  2. ^ أ ب موسى بن راشد العازمي، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون، صفحة 209-212.
  3. وحيد عبد السلام بالي]، الخلاصة البهية في ترتيب أحداث السيرة النبوية، صفحة 126-127. بتصرّف.
  4. القسطلاني، المواهب اللدنية بالمنح المحمدية، صفحة 558. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:609، صحيح.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن معاوية بن أبي سفيان، الصفحة أو الرقم:387، صحيح.
  7. ندا أبو أحمد (10/08/2021)، "فضل المؤذن المبتغي بأذانه وجه الله تعالى"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 23/08/2021. بتصرّف.