النبي الذي جاء بعد يوسف عليه السلام
ذكر غير واحدٍ من أهل العلم أنّ النبي أيوب -عليه السلام- هو النبي الذي بُعث بعد النبي يوسف -عليه السلام-؛ وذلك لأنّهم عدّوا النبي أيوب -عليه السلام- من ذرية العيص بن إسحاق بن الخليل إبراهيم -عليهم السلام-، على الراجح والصحيح من الروايات.[١]
إذ قال -تعالى- في سياق الحديث عن الخليل إبراهيم: (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ كُلًّا هَدَيْنَا ۚ وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)،[٢] والضمير في (ذُرِّيَّتِهِ) عائد على إبراهيم -عليه السلام-؛ على الصحيح عند أهل العلم.[١]
إضافة إلى أنّ المشهور عند أهل السير والتاريخ أن زوجته هي رحمة بنت أفرائيم بن يوسف بن يعقوب، لذا جاء ذكر النبي أيوب بعد ذكر النبي يوسف -عليهما السلام- في عدد من المؤلفات والمصنفات،[١]قال مجاهد: "... إنما نبّئ أيوب بعد يوسف -عليهما السلام-"، ونقل مقاتل ما يُؤيد ذلك.[٣]
النبي أيوب عليه السلام
أوحى الله -تعالى- إلى النبي أيوب -عليه وسلم- كما أوحى إلى عدد من الأنبياء والرسل؛ بدلالة قوله -تعالى-: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ ۚ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا)؛[٤] وقد كان مبعث أيوب -عليه السلام- بحران كما نُقل عن بعض أهل العلم.[٥]
ومن الجدير بالذكر أنّ النبي أيوب -عليه السلام- جاء ذكره في عدد من مواضع القرآن الكريم؛ في سياق الحديث عن مبعثه، وعن صبره وابتلائه، إذ لم يأتِ الحديث عن دعوته وقومه كما في قصص العديد من الأنبياء -عليهم السلام-؛ فاقتصر الإخبار عنه -عليه السلام- بذكر صفاته، وابتلائه، وتحقيقه لمقام العبوديّة بالصبر والتذلل لله -تعالى- في كشف الغم والمرض عنه.[٥]
وقد ذكر بعض أهل العلم أنّ دعوة أيوب عليه السلام- استمرت سبعين سنة؛ كان فيها عظيم التقوى، رحيماً بالمساكين والأرامل والأيتام، كافلاً لهم، كريماً، ناصحاً، ليناً في نصحه؛ وكل ذلك شواهد على حسن خلقه، وعظيم صفاته، حتى لما أصابه الابتلاء والمرض، وفقد الأبناء والأموال؛ لم يجزع، ولم يقنط، وظلّ متصلاً بالله -تعالى-، واثقاً به، منيباً إليه، حتى كشف ما به من الضر والبأس.[٥]
تسلسل الأنبياء والرسل
تعددت آراء أهل العلم في تسلسل وترتيب الأنبياء والرسل؛ لتعدد الاعتبارات في ذلك؛ فمن أهل العلم من عدّ بعض الصالحين وبعض أبناء الأنبياء من المرسلين؛ الذين أوحي إليهم؛ كالخضر ولقمان الحكيم وذي القرنين، وشيث بن آدم ونحوهم، إلا أنّهم اتفقوا على أنّ النبوات ابتدأت بسيدنا آدم -عليه السلام-، وانتهت بسيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين -صلى الله عليه وسلم-.[٦]
وتجدر الإشارة إلى أنّ بعض النصوص القرآنية بيّنت تسلسل عددٍ من الأنبياء؛ لا سيما إن كانوا من أبنائهم، أو من ذرياتهم، أو ممن بشروا بهم؛ كالترتيب الحاصل في نبوة إبراهيم الخليل، والتي تبعها نبوة إسماعيل وإسحاق، ثم نبوة يعقوب، ثم نبوة يوسف -عليهم السلام-.[٦]
المراجع
- ^ أ ب ت ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 506، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنعام، آية:84
- ↑ سبط ابن الجوزي، مرآة الزمان في تواريخ الأعيان، صفحة 7، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية:163
- ^ أ ب ت أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 240-241. بتصرّف.
- ^ أ ب سبط ابن الجوزي، مرآة الزمان في تواريخ الأعيان، صفحة 346-347، جزء 2. بتصرّف.