مقام النبي إبراهيم

المراد بالمقام الحجر الذي قام عليه سيدنا إبراهيم -عليه السلام- عند بناء الكعبة المشرفة؛ وذلك لمّا ارتفع البناء أتاه به ابنه إسماعيل -عليه السلام- ليقوم عليه، ويناوله الحجارة، وكان -عليه السلام- كلّما انتهى من ناحية انتقل إلى أخرى، حتى أتمّ جدران الكعبة المشرفة وهو قائم على هذا الحجر، ينتقل به من مكان لآخر؛ وقد كانت آثار قدمي سيدنا إبراهيم -عليه السلام- ظاهرةً عليه حتى هذا اليوم، وقد أدركته العرب في جاهليتها، وعرفه المسلمون بعد ذلك في الإسلام.[١]


وفي هذا ثبت في الصحيح أنّ إبراهيم -عليه السلام- قال لابنه إسماعيل: (يا إسْمَاعِيلُ، إنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بأَمْرٍ، قالَ: فَاصْنَعْ ما أَمَرَكَ رَبُّكَ، قالَ: وتُعِينُنِي؟ قالَ: وأُعِينُكَ، قالَ: فإنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ هَاهُنَا بَيْتًا، وأَشَارَ إلى أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ علَى ما حَوْلَهَا، قالَ: فَعِنْدَ ذلكَ رَفَعَا القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ، فَجَعَلَ إسْمَاعِيلُ يَأْتي بالحِجَارَةِ وإبْرَاهِيمُ يَبْنِي، حتَّى إذَا ارْتَفَعَ البِنَاءُ، جَاءَ بهذا الحَجَرِ فَوَضَعَهُ له فَقَامَ عليه، وهو يَبْنِي وإسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الحِجَارَةَ.. قالَ: فَجَعَلَا يَبْنِيَانِ حتَّى يَدُورَا حَوْلَ البَيْتِ وهُما يَقُولَانِ: "رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ").[٢][١]


صفة مقام النبي إبراهيم

ذكر بعض المؤرخين وصف مقام النبي إبراهيم -عليه السلام- قديماً، وما كان عليه من طول وعرض؛ وفيما يأتي بيان ذلك:[٣]

  • حَجَر المقام كان رخواً ولم يكن من صوان.
  • كان مربع الشكل.
  • كانت مساحته ذراع يد بذراع يد طولاً وعرضاً وارتفاعاً.
  • في وسطه أثر قدمي النبي إبراهيم -عليه السلام-؛ وهما حفرتان بيضاويتان مستطيلتان.
  • كان المقام ملاصقاً بالكعبة المشرفة على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ وإنّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أيام خلافته هو من أمر بتأخيره عن الكعبة المشرفة؛ لئلا يُضيّق على الطائفين والمصلين؛ وقيل كانت السيول هي التي أخرته عن البيت حتى جرفته بعيداً، فقام عمر بن الخطاب بإعادته إلى المكان الذي كان فيه.


الصلاة بمقام النبي إبراهيم

ثبت في الصحيح أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما طاف بالكعبة المشرفة وانتهى من ذلك، جعل المقام بينه وبين الكعبة المشرفة وصلى عنده ركعتين، فيكون الصلاة عند المقام من السنة النبوية؛ وقيل إنّ ذلك كان لمّا أشار عليه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بالصلاة بالمقام، فنزل قوله -تعالى- في ذلك: (وَاتَّخِذُوا مِن مَقَامِ إبْرَاهِيمَ مُصَلًّى)؛[٤] ففي الحديث عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنّه قال: (وافَقْتُ رَبِّي في ثَلَاثٍ: فَقُلتُ يا رَسولَ اللَّهِ، لَوِ اتَّخَذْنَا مِن مَقَامِ إبْرَاهِيمَ مُصَلًّى، فَنَزَلَتْ: "وَاتَّخِذُوا مِن مَقَامِ إبْرَاهِيمَ مُصَلًّى"..).[٥][٦]


فضائل مقام النبي إبراهيم

جعل الله -سبحانه- لمقام إبراهيم -عليه السلام- من جملة الآيات البيّنات التي كانت في بيته الحرام؛ حيث قال: (فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ ۖ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا)،[٧][٨] ويمكن ذكر فضائل مقام سيدنا إبراهيم -عليه السلام- على النحو الآتي:

  • ياقوتة من يواقيت الجنة؛ فقد صحّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (إنَّ الركنَ والمقامَ ياقوتتان من الجنَّةِ، طمس اللهُ -تعالى- نورَهما، ولو لم يَطمِسْ نورَهما لأضاءَتا ما بين المشرقِ والمغربِ).[٩][١٠]
  • أنّ نبي الله إبراهيم -عليه السلام- صعد على المقام لينادي على الناس بحج البيت الحرام؛ ففي الحديث: (لما فرغَ إبراهيمُ -عليْهِ السلامُ- من بناءِ البيتِ قيلَ له أذِّنْ في الناسِ بالحجِّ، قال: ربِّ وما يبلغُ صَوْتي؟ قال: أذِّنْ وعليَّ البلاغُ،. قال فنادى إبراهيمُ: يا أيُّها الناسُ كُتِبَ عليكُمُ الحجُّ إلى البيتِ العتيقِ، فسمِعَهُ من بينَ السماءِ والأرضِ، أفلا ترونَ أن الناسَ يَجيئونَ مِن أَقصى الأرضِ يُلبونَ).[١١][١٢]

المراجع

  1. ^ أ ب ابن كثير، تفسير ابن كثير، صفحة 293-294، جزء 1. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:3364، صحيح.
  3. "مقام إبراهيم"، الشؤون العامة للمسجد الحرام والمسجد النبوي، اطّلع عليه بتاريخ 19/1/2023. بتصرّف.
  4. سورة البقرة، آية:125
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:402، صحيح.
  6. ابن حجر العسقلاني، العجاب في بيان الأسباب، صفحة 377، جزء 1.
  7. سورة آل عمران، آية:97
  8. أبو جعفر ابن جرير الطبري، تفسير الطبري جامع البيان، صفحة 600، جزء 5. بتصرّف.
  9. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:1633، صحيح.
  10. الجلال السيوطي ، الدر المنثور في التفسير بالمأثور، صفحة 291، جزء 1. بتصرّف.
  11. رواه البيهقي، في السنن الكبرى، عن قابوس بن أبي ظبيان، الصفحة أو الرقم:10117، قال ابن حجر اسناده قوي.
  12. أبو عبد الله الفاكهي، أخبار مكة، صفحة 445، جزء 1.