صفات سيدنا أيوب عليه السلام
اتصّف النبي أيوب -عليه السلام- بعدد من الصفات الجليلة؛ والتي ثبتت في القرآن الكريم والسنة النبوية، ويمكن بيان بعضها على النحو الآتي:
الصبر
قال -تعالى- في مدح نبيّه أيوب -عليه السلام-: (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا ۚ نِّعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ)؛[١]حيث ذهب أهل العلم إلى أنّ النبي أيوب -عليه السلام- كان مفطوراً على الصبر منذ بداية مرضه، فلم يهن عزمه، ولم تضعف همته، ولم تُعدم قوته بالسير إلى الله -سبحانه-؛ فاستحق هذا الثناء البليغ بوصفه صابراً، كثير الرجوع إلى المولى -سبحانه- في كلّ أموره.[٢]
وقد ثبت في السنة النبوية أنّ مرض أيوب -عليه السلام- استمرّ ثماني عشرة سنة على الراجح من الأقوال، كما روي أنّه كان يستحيي من الله -سبحانه-، فلا يطلب منه الشفاء ولم يمكث في الابتلاء قدر مكوثه في الرخاء والراحة والنعم؛ فكانت عاقبة صبره خيراً وعوضاً؛ قال -تعالى-: (فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وذكرى لِلْعَابِدِينَ).[٣][٤]
التضرع لله تعالى
قال -تعالى- في كتابه العزيز: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)،[٥] وقال -تعالى-: (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ)؛[٦] إذ إنّ أيوب -عليه السلام- ألطف بسؤال المولى، وذكره بأعظم صفاته وهي الرحمة؛ وكل ذلك بأدب وإخلاص، دون أن يذكر المطلوب صراحةً بأن يشفيه ويعافيه من مرضه؛ وهذا المنهج السامي الذي اتبعه أنبياء الله -سبحانه-، فما كان منه جلّ وعلا إلا أن استجاب له، وشافاه، وعوضه عن كل ما فقده من مال وبنين.[٧]
البرّ بالقسم أو اليمين
حيث وثّق القرآن الكريم أنّ الله -سبحانه- أرشده لطريقة إبرار قسمه، دون أن يحنث فيه؛ قال -تعالى-: (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ)؛[١] حيث تذكر المصادر أنّ أيوب -عليه السلام- حلف أن يضرب امرأته مئة جلدة، واختلفوا في سبب ذلك؛ فقيل لأنّها أتته بطعام زائد عن حاجته، وقيل لأنّها جاءت طبيباً وكان هو إبليس، ونحو ذلك من الروايات التي لم يثبت صحّتها؛ لكنّ الله -سبحانه- أمر أن يأخذ مجموعة من القضبان والأغصان والحشائش؛ فيجمعها ويضرب بها ضربة واحدة فيكون قد برّ بقسمه، دون أن يحنث.[٨]
الثقة بالله تعالى
وقد تمثل هذا بتوجه أيوب -عليه السلام- إلى الله -سبحانه- لمّا اشتدت عليه الخطوب، وطالت عليه فترة البلاء، فهو -سبحانه- القادر على كل شيء، صاحب الملكوت؛ وقد صبر هذا النبي الكريم واثقاً بالله -تعالى-، مؤمناً به، واثقاً بأنّ ما عنده خير وأبقى؛ فلم يتطلع للنتائج أو يسأل عن عاقبة صبره ومصير تحمّل ابتلاءه.[٩]
الأخذ بالأسباب المشروعة
إذ إنّ الله -سبحانه- كتب له الشفاء بعد الأخذ بعدد من الأسباب المشروعة للشفاء؛ وقد لخّصتها الآيات القرآنية بقوله -سبحانه-: (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ)،[١٠] فانفجرت له عين ماء من الأرض فشرب منها واغتسل، وكان ذلك مثالاً يُحتذى في التوكل على الله، والأخذ بالأسباب دون تواكل أو تقصير.[١١]
المراجع
- ^ أ ب سورة ص، آية:44
- ↑ محمد الخضر حسين، موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين، صفحة 252، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنبياء، آية:84
- ↑ محمد علي الصابوني، روائع البيان تفسير آيات الأحكام، صفحة 430، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنبياء، آية:83
- ↑ سورة ص، آية:41
- ↑ محمد سيد طنطاوي، التفسير الوسيط لطنطاوي، صفحة 241، جزء 9. بتصرّف.
- ↑ صديق حسن خان، فتح البيان في مقاصد القرآن، صفحة 51، جزء 12. بتصرّف.
- ↑ أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 249. بتصرّف.
- ↑ سورة ص، آية:42
- ↑ إبراهيم الإبياري، الموسوعة القرآنية، صفحة 72، جزء 11. بتصرّف.