صفات إخوة يوسف

من خلال الاطلاع على آيات سورة يوسف التي تحدثت عن قصته -عليه السلام- بنحوٍ من التفصيل؛ يظهر للمُمْعِن في النظر صفات إخوة يوسف -عليه السلام-، والتي يمكن تلخيصها على النحو الآتي:


الصفات المذمومة

من الجدير بالذكر أنّ الصفات المذمومة طغت وكثرت عند إخوة يوسف -عليه السلام-، وقد أبرزتها الآيات القرآنية من خلال بعض الحوارات التي جاءت على ألسنتهم، ومن خلال وصف القرآن الكريم لهم، وهذه الصفات هي:


  • الحسد والغيرة

ابتدأت الآيات الكريمة بالإشارة إلى هذه الصفات بما جاء على لسان النبي يعقوب -عليه السلام-، عندما أمر ابنه يوسف بأن يكتم أمر رؤياه، ولا يقصّصها على إخوته؛ فيزيد هذا من غيرتهم وحسدهم، ويدعوهم للكيد واتباع الشيطان؛ قال -تعالى-: (قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ).[١]


  • الاعتزاز بالنفس والعدد

إذ رأى إخوة يوسف -عليه السلام- أنّهم أصحاب عدد وقوة حين وصفوا أنفسهم بالعصبة؛ قال -تعالى-: (إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)،[٢] حيث أنكروا التفات أبيهم عنهم إلى يوسف وأخيه، وهم أصحاب بأس وعدد، واصفين أباهم بالضلال عن الصواب في هذا الأمر.


  • المكر والخداع

وهاتان الصفتان دلّ عليهما العديد من التصرفات التي صدرت من إخوة يوسف -عليه السلام-؛ ابتداءً من إظهار رغبتهم باصطحاب يوسف -عليه السلام- للعب واللهو -مدّعيين الحرص والحفظ له-، وهم يُضمرون القتل والضرر، وانتهاءً بإلقائه في ظلمات البئر؛ قال -تعالى-: (قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ* أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ).[٣]


  • الكذب

لقد تعددت كذبات إخوة يوسف -عليه السلام- في أكثر من موقف؛ والتي يمكن تتبعها بعضها على النحو الآتي:

  • حزنهم على فقد يوسف -عليه السلام-؛ قال -تعالى-: (وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ).[٤]
  • كذبهم على والدهم في موت يوسف -عليه السلام-؛ قال -تعالى-: (قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ).[٥]
  • إحضار الدليل على موت يوسف -عليه السلام- وأكل الذئب له؛ قال -تعالى-: (وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ).[٦]
  • اتهام يوسف -عليه السلام- بالسرقة؛ وذلك عندما برروا سرقة أخيهم الأصغر؛ قال -تعالى-: (قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ).[٧]


الصفات الحسنة

في مقابل الصفات المذمومة بانت بعض الصفات الحسنة لدى إخوة يوسف -عليه السلام-، والتي أشارت إليها الآيات القرآنية، وفيما يأتي ذكر بعضها:


  • التوحيد

يظهر من الآيات الكريمة أنّ إخوة يوسف -عليه السلام- كانوا موحدين؛ لا هم من المشركين الكافرين، ولا هم من الأنبياء المعصومين؛[٨] وقد دلّ على ذلك قسمهم بالله -تعالى-، وإشهاده -سبحانه- على ميثاقهم لأبيهم، ووصفه -جلّ وعلا- بأجلّ الصفات؛ قال -تعالى- على لسانهم: (إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ).[٩]


  • المشورة

وإن كانت هذه الصفة في موقفين مختلفين؛ الأول منهما كان مشورة مذمومة أعانت على الإثم والعدوان؛ عندما تشاوروا في أمر يوسف -عليه السلام- والتخلّص منه، والآخر كان في أمر أخيهم الأصغر الذي احتجزه الملأ، بعدما وعدوا أباهم بحفظه وردّه إليه سالماً؛ قال -تعالى-: (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا).[١٠]


  • الندم والتوبة

حيث ظهرت هذا الأمر عندما تلاوموا بينهم في التفريط بأخيهم يوسف -عليه السلام-، ومن ثم بطلبهم العفو والمغفرة منه ومن أبيهم؛ قال -تعالى-: (قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ)،[١١] وقال -تعالى-: (قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ).[١٢]


  • الجمال

حيث ربط بعض أهل العلم بين الرؤيا التي رآها النبي يوسف -عليه السلام-، وبين مدلولاتها؛ إذ جاء فيها ذكر أحد عشر كوكباً، وهي ترمز إلى إخوة يوسف -عليه السلام-، ومن المعلوم أنّ الكواكب والأفلاك خلقها الله -سبحانه- لتزيين السماء؛ قال -تعالى-: (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ)،[١٣] لذا دلّ هذا على جمال إخوة يوسف -عليه السلام- ضمناً لا تصريحاً.[١٤]


صفات الأخ الكبير

يُستحسن في هذا المقام الإشارة إلى أنّ الأخ الأكبر قد ظهرت به صفات ميّزته عن باقي إخوته، وذلك بإبراز دوره في الآيات القرآنية، ومن هذه الصفات:


  • الرحمة والشفقة؛ حيث ظهرت عندما لام إخوته في أمر يوسف -عليه السلام-، وأنّ حزن والدهم سيكون أشدّ وأكبر بفقد أخيهم الأصغر؛ حيث قال: (قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ).[١٥]
  • الحرص على الميثاق؛ وذلك عندما رفض المغادرة، وأصرّ على المكوث حتى يأتيه الإذن من والده، أو ينزل حكم من الله -تعالى- في أمره؛ لمّا رفض الملأ تسليم الأخ الأصغر من بعد ما دبّر يوسف -عليه السلام- له مكيدة السرقة؛ قال -تعالى-: (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّىٰ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي).[١٥]

المراجع

  1. سورة يوسف، آية:5
  2. سورة يوسف، آية:8
  3. سورة يوسف، آية:11-12
  4. سورة يوسف، آية:16
  5. سورة يوسف، آية:17
  6. سورة يوسف، آية:18
  7. سورة يوسف، آية:77
  8. وهبة الزحيلي، التفسير الوسيط، صفحة 1091، جزء 2. بتصرّف.
  9. سورة يوسف، آية:88
  10. سورة يوسف، آية:80
  11. سورة يوسف، آية:91
  12. سورة يوسف، آية:97
  13. سورة الصافات، آية:6
  14. [أحمد قشوع]، تأملات في رؤيا يوسف عليه السلام، صفحة 117. بتصرّف.
  15. ^ أ ب سورة يوسف، آية:80