لقاء النبي بالرسل في السماوات
شاء الله -عزّ وجلّ- في السنة العاشرة من بعثة النبيّ محمدٍ -عليه الصلاة والسلام- أن يُسري به إلى بيت المقدس، ومنه إلى السماوات العلا، وقد أطلع الله -عزّ وجلّ- في رحلة الإسراء والمعراج النبيّ -عليه الصلاة والسلام- على آياتٍ عظيمةٍ من آياته، قال الله -عزّ وجلّ- في سورةِ الإسراءِ: (سُبحانَ الَّذي أَسرى بِعَبدِهِ لَيلًا مِنَ المَسجِدِ الحَرامِ إِلَى المَسجِدِ الأَقصَى الَّذي بارَكنا حَولَهُ لِنُرِيَهُ مِن آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّميعُ البَصيرُ)،[١] فأُسرِي به -عليه الصلاة والسلام- راكبًا دابة البراق من المسجد الحرام في مكّة المكرّمة إلى بيت المقدس في فلسطين، حيث صلّى إمامًا بالأنبياء والرسل -عليهم السلام- في المسجد الأقصى المبارك، ثمّ عُرجَ به -عليه الصلاة والسلام- إلى السماوات العُلا؛ ليرى من أسرار الغيب والآيات التي اختصّه الله تعالى بها، ومنها أنّ اللهَ -عزّ وجلّ- لقاؤه -عليه الصلاة والسلام- بالرسل في كلّ سماءٍ من السماوات السبع.[٢]
ترتيب الرسل عليهم السلام في السماوات
عرج النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في رحلة الإسراء والمعراج إلى السماوات العُلا برفقة المَلك جبريل عليه السلام، وقد
مرّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بكلّ سماءٍ، حيث كان يستفتح ويستأذن عند كلّ سماءٍ فيُؤذَن له، وقد لقي في كلّ سماءٍ نبيًّا من الأنبياء على الترتيب الآتي:[٣]
- السماء الأولى: التقى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- فيها بسيدنا آدم عليه السلام، وردّ على النبيّ السلام، وأقرّ له بالنبوة.
- السماء الثانية: التقى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- فيها بسيدنا عيسى ابن مريم وسيدنا يحيى ابن زكريا عليهما الصلاة والسلام، وردّا على النبيّ السلام، وأقرَّا له بالنبوة.
- السماء الثالثة: التقى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- فيها بسيدنا يوسف عليه السلام، وردّ على النبيّ السلام، وأقرّ له بالنبوة.
- السماء الرابعة: التقى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- فيها بسيدنا إدريس عليه السلام، وردّ عليه وأقرّ له بالنبوة.
- السماء الخامسة: التقى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- فيها بسيدنا هارون بن عمران عليه السلام، وردّ على النبيّ السلام، وأقرّ له بالنبوة.
- السماء السادسة: التقى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- فيها بسيدنا موسى بن عمران عليه الصلاة والسلام، وردّ على النبي السلام، وأقرّ له بالنبوة.
- السماء السابعة: التقى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- فيها بسيدنا إبراهيم عليه السلام، وردّ على النبيّ السلام، وأقرّ له بالنبوة.
- ما بعد السماء السابعة: عُرِج بالنبيّ -عليه الصلاة والسلام- إلى ملك الملوك عزّ وجلّ؛ فأوحى الله تعالى إلى نبيه -عليه الصلاة والسلام- ما أوحى، وفي هذه الرحلة المباركة طلب النبي -عليه الصلاة والسلام- من الله تعالى أن يخفّف الصلاة على المسلمين، إلى أن أصبحت خمسة فروضٍ في اليومِ الواحدِ بأجرِ وثوابِ خمسينَ صلاةٍ، وكانت هذه الرحلةُ المباركةُ من المعجزاتِ العظيمةِ التي تحدثَّ القرآنُ الكريمُ عنها،[٤] وورد في صحيح مسلم عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: "فَفَرَضَ اللَّهُ علَى أُمَّتي خَمْسِينَ صَلاةً، قالَ: فَرَجَعْتُ بذلكَ حتَّى أمُرَّ بمُوسَى، فقالَ مُوسَى عليه السَّلامُ: ماذا فَرَضَ رَبُّكَ علَى أُمَّتِكَ؟ قالَ: قُلتُ: فَرَضَ عليهم خَمْسِينَ صَلاةً، قالَ لي مُوسَى عليه السَّلامُ: فَراجِعْ رَبَّكَ، فإنَّ أُمَّتَكَ لا تُطِيقُ ذلكَ، قالَ: فَراجَعْتُ رَبِّي، فَوَضَعَ شَطْرَها، قالَ: فَرَجَعْتُ إلى مُوسَى عليه السَّلامُ، فأخْبَرْتُهُ قالَ: راجِعْ رَبَّكَ، فإنَّ أُمَّتَكَ لا تُطِيقُ ذلكَ، قالَ: فَراجَعْتُ رَبِّي، فقالَ: هي خَمْسٌ وهي خَمْسُونَ لا يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ، قالَ: فَرَجَعْتُ إلى مُوسَى، فقالَ: راجِعْ رَبَّكَ، فَقُلتُ: قَدِ اسْتَحْيَيْتُ مِن رَبِّي، قالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ بي جِبْرِيلُ حتَّى نَأْتِيَ سِدْرَةَ المُنْتَهَى فَغَشِيَها ألْوانٌ لا أدْرِي ما هي؟ قالَ: ثُمَّ أُدْخِلْتُ الجَنَّةَ، فإذا فيها جَنابِذُ اللُّؤْلُؤَ، وإذا تُرابُها المِسْكُ".[٥]
المراجع
- ↑ سورة الإسراء، آية:1
- ↑ الشيخ ابن باز، "نبذة عن الإسراء والمعراج"، موقع الإمام ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 28/9/2021. بتصرّف.
- ↑ [إبراهيم العلي]، كتاب صحيح السيرة النبوية، صفحة 95-96. بتصرّف.
- ↑ [محمد الطيب النجار]، كتاب القول المبين في سيرة سيد المرسلين، صفحة 155. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك وابن حزم، الصفحة أو الرقم:163، صحيح.