أرسل الله تعالى رسله وأنبياءه؛ للدعوة إليه وتبليغ دينه، وبذلوا في سبيل الدعوة جهدًا عظيمًا، كما سعوا بما جاؤوا به إلى تزكية النفوس وإصلاحها،[١] وجاء القرآن الكريم على ذكر قصص بعض الأنبياء مع أقوامهم، كما جاء على ذكر أنبياء بأسمائهم دون تفصيلٍ، ومنهم: نبيّ الله إدريس عليه السّلام، وتاليًا تعريفٌ به.
النبي إدريس عليه السلام
تعريفٌ بإدريس عليه السلام
هو نبيّ الله إدريس عليه السّلام، وبهذا الاسم ذُكر في القرآن الكريم، وقيل إنّ اسم إدريس مشتقٌّ من الدرس؛ لكثرة دروسه عليه السّلام، حيث رُوي أنّ الله تعالى أنزل عليه ثلاثين صحيفةً، كما أنّه -عليه السّلام- كان ذا نظرٍ في علميّ النجوم والحساب، وورد في العهد القديم أنّ اسم إدريس: أخنوخ إلّا أنّ هذا الاسم لم يثبت في النصوص الشرعيّة.[٢]
بعثة إدريس عليه السلام
اختلفت الروايات في زمن بعثة إدريس -عليه السّلام- على أقوالٍ، هي:[٢]
- القول الأوّل: إنّ إدريس -عليه السّلام- أُرسل في الفترة بين آدم ونوحٍ عليهما السّلام؛ أي أنّه جاء بعد آدم وقبل نوحٍ، إلّا أنّ من العلماء من ردّ هذا القول؛ مستشهدين بأنّ النبيّ محمد -عليه الصّلاة والسّلام- حين التقى بالأنبياء في رحلة الإسراء والمعراج أثناء عروجه إلى السماء، خاطبه إدريس بقوله: "الأخ الصالح"؛ إذ لو كان إدريس بعد آدم -عليهما السّلام- لقال للنبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- "الابن الصالح" كما قال آدم للنبيّ -عليه الصلاة والسلام- ولم يقل له الأخ الصالح.
- القول الثّاني: إنّ إدريس -عليه السّلام- كانت بعثته متأخرةً، وأنّه كان نبيًّا في بني إسرائيل.
ذكر إدريس في القرآن والسنة
لم يرد ذكر إدريس -عليه السّلام- في القرآن الكريم والسنّة الصحيحة إلا في مواطن محدودةٍ دون تفصيلٍ، وتتمثّل في الآتي:[٣]
- قول الله تعالى في سورة مريم: (وَاذكُر فِي الكِتابِ إِدريسَ إِنَّهُ كانَ صِدّيقًا نَبِيًّا* وَرَفَعناهُ مَكانًا عَلِيًّا)؛[٤] فذكر الله تعالى ما مَنّ به على إدريس -عليه السّلام- من درجة النبوّة والصدّيقيّة، وأمّا رفعة المكانة؛ فقيل إنّ المراد رفعه إلى الجنّة وقيل رفعه إلى السماء.[٥]
- قول الله تعالى في سورة الأنبياء: (وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ* وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِينَ).[٦]
- قول النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- في حديث الإسراء والمعراج: "فَلَمَّا مَرَّ جِبْرِيلُ ورَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بإدْرِيسَ صَلَواتُ اللهِ عليه قالَ: مَرْحَبًا بالنبيِّ الصَّالِحِ، والأخِ الصَّالِحِ، قالَ: ثُمَّ مَرَّ، فَقُلتُ: مَن هذا؟ فقالَ: هذا إدْرِيسُ".[٧]
- قول النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام: "كانَ نَبِيٌّ مِنَ الأنْبِيَاءِ يَخُطُّ، فمَن وافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ"؛[٨] حيث ذكر ابن كثير أنّ النبيّ المقصود في هذا الحديث هو إدريس -عليه السّلام- بحسب قول طائفةٍ من أهل العلم.[٩]
مناقب إدريس عليه السلام
جاءت بعض الروايات على ذكر مناقب إدريس عليه السلام، وممّا رُوي في مناقبه أنّه:[١٠][١١]
- أوّل من خطّ بالقلم.
- أوّل من خاط الثّياب، وكانوا قبله يلبسون الجلود.
- أوّل من جاهد واتّخذ السلاح.
المراجع
- ↑ عمر الأشقر، الرسل والرسالات، صفحة 43-50. بتصرّف.
- ^ أ ب صلاح الخالدي، القرآن ونقض مطاعن الرهبان، صفحة 111-113. بتصرّف.
- ↑ هدى درويش، نبي الله إدريس بين المصرية القديمة واليهودية والإسلام، صفحة 70-73. بتصرّف.
- ↑ سورة مريم، آية:56-57
- ↑ أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 58. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنبياء، آية:85-86
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم:163، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن معاوية بن الحكم السلمي، الصفحة أو الرقم:537، صحيح.
- ↑ ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 99. بتصرّف.
- ↑ ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، صفحة 375. بتصرّف.
- ↑ الماوردي، تفسير الماوردي، صفحة 378. بتصرّف.