المعجزات هي أمورٌ خارقةٌ للعادة، يجريها الله تعالى على يد أنبيائه؛ لتكون دلالةً على صدقهم، ولا يمكن لأحدٍ من البشر أن يجاريها أو يأتي بمثلها،[١] وتمثّلت أبرز معجزات النبيّ محمد -عليه الصّلاة والسّلام- في القرآن الكريم.


معجزات النبيّ محمد عليه السّلام

خصّ الله تعالى نبيّه محمد -صلّى الله عليه وسلّم- بمعجزةٍ مختلفةٍ عن سائر معجزات الأنبياء تتناسب وطبيعة رسالة الإسلام الخالدة، فجعل الله تعالى معجزة رسول الله القرآن الكريم، وهو كلام الله تعالى المُعجِز بفصاحته وبلاغته وإخباره عن الغيب وأحكامه وتشريعاته الصالحة لكلّ زمانٍ ومكان، وتحدّى الله تعالى المشركين ومن جاء بعدهم من الناس في أي زمانٍ بأن يأتوا بمثله كما جاء في قول الله تعالى: "قُل لَئِنِ اجتَمَعَتِ الإِنسُ وَالجِنُّ عَلى أَن يَأتوا بِمِثلِ هـذَا القُرآنِ لا يَأتونَ بِمِثلِهِ وَلَو كانَ بَعضُهُم لِبَعضٍ ظَهيرًا"،[٢] ثمّ تنزّل مع المشركين؛ فتحدّاهم أن يأتوا بسورة واحدةٍ منه، فلم يستطيعوا، قال تعالى: "وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّـهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ* فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ"،[٣] فاقتضت حكمة الله تعالى ألّا تكون معجزة آخر الأنبياء وآخر الرسالات حسيّةً تنقضي بوفاة النبيّ؛ بل خالدةً إلى قيام الساعة.[٤][٥]


وتتمثّل مظاهر إعجاز القرآن الكريم في أربعة وجوه، هي:[٦][٧]

  • الإعجاز البياني أو اللغويّ: أي أنّ القرآن الكريم معجزٌ في ألفاظه وأسلوبه ونظمه وبيانه.
  • الإعجاز الغيبي: ويتمثّل في إخبار القرآن الكريم عن أخبارٍ وأمور غايةٍ في القدم لم يشهدها النبيّ ومن معه، والإخبار عن أمور كانت في حاضر زمن الرسالة لكنّهم كانوا مغيّبين عنها؛ كإخبار القرآن عن المنافقين ونواياهم، أو الإخبار عن أمورٍ مستقبليّةٍ لم تقع بعد ووقعت؛ كالإخبار بانتصار الروم بعد هزيمتهم من قِبل الفرس.
  • الإعجاز التشريعي: وذلك بأنّ القرآن الكريم بما جاء به من نظم وتشريعاتٍ وأحكام تفوّق على سائر النظم والتشريعات البشريّة.
  • الإعجاز العلميّ: وذلك بحديث القرآن الكريم عن بعض الحقائق العلميّة التي اكتشفت في زمنٍ متأخّرٍ عن الوحي، وبحثّه الدائم على التفكير والتدبّر في الكون وظواهره.


آياتٌ دالةٌ على نبوّة محمد

أجرى الله تعالى لنبيّه محمد -عليه الصّلاة والسّلام- أمورًا خارقةً تؤيّد صدق دعوته وتؤكّد نبوّته، وهي:[٤]

  • الإسراء والمعراج: أسرى الله تعالى بالنبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى المبارك، ومنه عرج إلى السماوات؛ فرأى جبريل والتقى برسلٍ وأنبياء.
  • انشقاق القمر: وذلك عندما سأل أهل مكّة النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أن يأتيهم بآية؛ فشقّ الله تعالى القمر، وشاهدوا انشقاقه.
  • تكثير الطعام: وردت شواهد كثيرةٌ على تكثير النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- للطعام القليل ومباركته.
  • تكثير الماء ونبعه من بين أصابعه: ومن ذلك ما كان يوم الحديبية، حين قدم الصحابة -رضي الله عنهم- إلى رسول الله وفي يده ركوة ماء يتوضأ منه، فأخبروه أنّه لا ماء لديهم للوضوء والشرب إلا ما في ركوته؛ فأدخل -عليه الصّلاة والسّلام- يده في الركوة فأخذ الماء يخرج من بين أصابعه كعيون الماء.


النبيّ محمد عليه السّلام

هو خاتم الأنبياء المرسل إلى النّاس كافّة: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب من بني هاشم من قبيلة قريش، نشأ في مكّة المكرّمة يتيمًا، وتوفّيت أمّه عنه وهو ابن ستّ سنين، فكفله جدّه ثمّ عمه أبو طالب من بعده، وكان معروفًا في قومه بأمانته وخلقه، اختاره الله تعالى للنبوّة وتبليغ رسالة الإسلام؛ فبعثه وهو في الأربعين من عمره، ودعا إلى الله الأقربين من أهله سرًّا، واستمرّت دعوته سرًّا لثلاث سنواتٍ، ثمّ جاء الأمر بالجهر بالدعوة كما في قول الله تعالى: "فَاصدَع بِما تُؤمَرُ وَأَعرِض عَنِ المُشرِكينَ"،[٨] وتعرّض أثناء دعوته في مكّة المكرّمة إلى صنوفٍ من الأذى، وتعرّض من آمن معه للأذى والعذاب كذلك، فأمر أصحابه بالهجرة إلى الحبشة وبقي هو في مكّة صابرًا، وهاجر إلى المدينة المنورة بعد اشتداد أذيّة المشركين له عقب وفاة عمّه أبي طالب، واستمرّ في الدعوة إلى الله تعالى في المدينة المنورة إلى أن انتقل إلى الرفيق الأعلى في السنة الحادية عشرة من الهجرة.[٩]


المراجع

  1. فهد الرومي، دراسات في علوم القرآن، صفحة 257. بتصرّف.
  2. سورة الإسراء، آية:88
  3. سورة البقرة، آية:23-24
  4. ^ أ ب عمر الأشقر، الرسل والرسالات، صفحة 131-139. بتصرّف.
  5. مصطفى البغا، الواضح في علوم القرآن، صفحة 15. بتصرّف.
  6. مصطفى مسلم، مباحث في إعجاز القرآن، صفحة 113.
  7. طاهر العتباني (02-05-2010)، "إعجاز القرآن"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 11-08-2021. بتصرّف.
  8. سورة الحجر، آية:94
  9. راغب السرجاني (22-03-2015)، "محمد رسول الله"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 09-08-2021. بتصرّف.