تعريفٌ بالنبي دانيال

هو دانيال بن يخننَّا بن حزقيا، وهو يوناخين بن صدقيا الملك ابن اهياقيم بن اُوشيا بن أمين بن حزقيا بن أحاذين بن ياثم بن عزريا بن أمصيّا بن مُهياس بن اخزيّا بن ربهيّا بن رام بن ياهوشا بن أسّا بن أبيا بن راحبعم بن سليمان بن داود،[١] وهو أحد الأنبياء الذين بعثهم الله إلى بني إسرائيل، في زمن بختنصر الذي خرب بيت المقدس، وقتل الكثير من بني إسرائيل، وأحرق التوراة.[٢]


قصة النبي دانيال مع بختنصر

لم يحدّد العلماء الزمنَ الذي عاش فيه دانيال عليه السلام، إلّا أنّه بُعث بعد النبي داود -عليه السلام- وقبل زكريا ويحيى عليهما السلام، وكان في زمنه "بختنصر"؛ وهو ملكٌ فاسدٌ الذي سلطَ على النبي دانيال -عليه السلام- أسدين بعد أن ألقاه في بئرٍ، ولكنهما لم يؤذياه ولم يقترب منه، ثمّ اشتهى الطعام والشراب بعد أن مضى على وجوده في البئر مدّةً من الزمنِ، فأوحى الله تعالى إلى أرمياء وهو من أنبياء بني إسرائيل، وكان في الشام فجهز الطعام والشراب لدانيال وقال: "يا رب أنا بالأرض المقدّسةِ، ودانيال بأرض بابل من أرض العراق، فأوحى إليه الله تعالى أنه سيرسله بالطعام إلى دانيال، فأرسله، ولمّا وصل إلى دانيال عليه السلام، وقف على باب البئر، فقال دانيال:" من أنت، قال له: أنا نبي الله أرمياء وأن الله -سبحانه وتعالى- أرسلني إليكَ بالطعامِ والشرابِ، فقالَ دانيال: الحمدُ لله الذي لا ينسى من ذكره،ُ والحمدُ لله من يُجيب من دعاه، والحمدُ لله الذي من وثقَ به لم يكلهُ إلى غيره، والحمدُ لله الذي يُجزي بالإحسانِ إحسانا، والحمدُ لله الذي يُجزي بالصبرِ نجاة، والحمدُ لله الذي هو يكشفُ ضُرنا وكُربنا، والحمدُ لله الذي يَقِينا حينَ يسوءُ ظَنُنا بِأعمالُنا، والحمدُ لله الذي هو رجاؤنا حينَ تنقطعُ الحيلُ عنّا".[٣]


تأويل النبي دانيال لرؤيا "بُختنصر"

بعد ما خرّب بُختنصر بيت المقدس، وقتل الكثير من بني إسرائيل واستذلّهم سبع سنين، رأى في المنام رؤيا عظيمةً، فجمع الكهنة؛ حتى يُفسروا له هذه الرؤيا، وطلبوا منه أن يقُصّها عليهم إلّا أنّه نسيها ولم يعد يتذكّرها، وطلب منهم أن يقصّوها هم عليه ويفسروها لهم، وأعطاهم مهلةً لثلاثة أيّامٍ حتّى يفسروا الرؤيا وإلّا قتلهم، فلّما سمع بذلك دانيال -عليه السلام- وهو في السجن، طلب من السجّان أن يذهب إلى بُختنصر ويخبره بوجود رجلٍ يعلم رؤيا وتأويلها، فذهبَ السجّان وأخبر بُختنصر بذلك، وأمر بإحضار دانيال إلى مجلسه، وعندما وصل دانيال لم يسجد له، فسأله عن سبب عدم سجوده له، ردَّ دانيال: "إنّ اللهَ آتاني علماً وعلمني وأمَرني أن لا أسجُدَ لغيرهِ"، فقالَ له بُختنصر إنّه يحبّ الذين يوفّون بالعهود لأربابهم، وطلب منه أن يخبره برؤياه وتأويلها.[٤]


وقصّ دانيال -عليه السلام- الرؤيا التي رآها بُختنصر، ومفادها أنّ بُختنصر رأى صنمًا عظيمًا، رِجلاه في الأرضِ ورأسه في السماء، أعلاهُ من ذهبٍ ووسطهُ من فضةٍ، وأسفلهُ من نُحاسٍ، وساقاه من حديدٍ، ورِجلاه من فُخارٍ، فبينما بُختنصر ينظر إليه، أعجبه حُسنه وإحكام صنعته، فقذفه الله بحجرٍ من السماء فوقعَ على قمة رأسه حتى طحنه، واختلط ذهبه وفضته ونحاسه وحديده، لدرجة أنّه خُيّل لبُختنصر أنّه لو اجتمع الإنس والجنّ على أن يُميزوا بينهم لا يستطيعون ذلك، ثم نظر بُختنصر إلى الحجر فرآه يكبر ويعظم وينتشر حتى ملأ الأرض كلّها، فأصبح لا يرى إلا الحجر والسماء، فأكّد بُختنصر أنّ هذه هي الرؤيا التي رآها بالفعل، وطلب من دانيال تأويلها؛ فقال دانيال -عليه السلام- في تأويل الرؤيا: إنّ الصنم أُمم مختلفةٌ في أول الزمان وفي وسطه وفي آخرهِ، والحجر الذي قذف الصنم هو دِينٌ يَقذفُ به اللهُ هذه الأمم في آخرِ الزمانِ، فيظهرهُ عليها ويبعثَ الله نبياً أُمياً من العربِ، فيدوخُ به الأُممِ والأديانِ كما دَوخَ الحَجرَ الصنمَ، ويظهرُ عليهم كما ظَهرَ الحَجرَ على الأرضِ، فيظهر الله به الحقّ ويُزهق الباطل ويهدي الضالين، ويُعلّم الأميين، ويقوي الضعيف، ويعزّ الأذل، وينصر المستضعفين.[٤]


بشارة النبي دانيال بالنبيّ محمد عليه الصلاة والسلام

رُوي أنّ دانيال بشّر بنبوة محمدٍ عليه الصلاة السلام، فأشار ابن تيمية أنّ دانيال -عليه السلام- ذكر النبيّ -محمد عليه الصلاة والسلام- باسمه؛ فقال: "سَتَنزِعُ في قَيسِيّك إِغرَاقاً، وتَرتَوي السّهَامُ بِأَمرِكَ يا مُحَمَّدُ ارتِوَاءً"، وقال ابن تيمية رحمه الله: إنّ هذا تصريحٌ ببشارتين؛ بعيسى عليه الصلاة والسلام، وبمحمد عليه الصلاةِ والسلام.[٢]

المراجع

  1. محمد بن حبيب أبو جعفر البغدادي، المحبر، صفحة 390. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "من هو النبي دانيال عليه السلام"، الإسلام سؤال وجواب، 19/9/2015، اطّلع عليه بتاريخ 10/9/2021. بتصرّف.
  3. لجنة الفتوى في الشبكة، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 241. بتصرّف.
  4. ^ أ ب حمود بن عبدالله التوجري، كتاب الرؤيا، صفحة 184-185. بتصرّف.