هل ثبت وجود أخت ليوسف عليه السلام؟

القول بعدم وجود أخت لسيدنا يوسف

ذهب بعض أهل العلم إلى القول بأنّ سيدنا يوسف -عليه السلام- لم تكن له أخت في الحقيقة على الأقرب والأرجح عندهم؛ وقد ساقوا على ذلك الأدلة التي استنبطوها من سياق القرآن الكريم لقصة سيدنا يوسف -عليه السلام-، فقالوا بما يأتي:[١]

  • إنّ الرؤيا التي ذكرها سيدنا يوسف -عليه السلام- لا تدلّ رموزها على وجود الأخوات الإناث؛ لا سيما أن الرؤيا ذكرت جميع أفراد العائلة؛ من الإخوة، والأب، والأم؛ حيث رمزت الكواكب الإحدى عشر إلى الإخوة، والشمس والقمر إلى الوالدين؛ وفي ذلك قال -تعالى-: (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ).[٢]
  • إنّ عدم ذكر أخت يوسف -عليه السلام- في تفاصيل القصة يدلّ على أنّها غير موجودة، أو لعلّها ماتت أو فُقدت -والله تعالى أعلم-؛ المهم أنّها لم تكن موجودة.
  • إنّ تحقق الرؤيا في نهاية القصة يدلّ على أنّ من لم يكن معهم في الرؤيا، لم يكن موجوداً في الواقع.
  • إعراض القرآن الكريم عن أي تلميح أو إشارة، أو حتى ذكر قرينة تدلّ على وجود أخت لسيدنا يوسف -عليه السلام-.
  • إنّ كلمة "إخوتك" الواردة في قوله -تعالى- على لسان نبيّه يعقوب -عليه السلام-؛ تدلّ على الذكور دون الإناث، قال -تعالى-: (قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ).[٣]


القول بوجود أخت لسيدنا يوسف

نقل بعض المفسرين والمؤلفين من أهل السير والتراجم؛ عدداً من المرويات عن أهل الكتاب التي تبنّت القول بوجود أخت لسيدنا يوسف -عليه السلام-؛ فقيل إن اسمها زينب كما نقل الفراء ذلك،[٤] وقيل إليا،[٥] وقيل دينا،[٦] وقيل غير ذلك، وكلّ ذلك لم يثبت بأي نص صريح صحيح في القرآن الكريم، أو في السنة النبويّة.


كما علّق بعض المتخصصين؛ بأنّ الأخبار التي قالت بوجود أخت لسيدنا يوسف -عليه السلام- مردّها إلى مرويات أهل الكتاب التي لا تصحّ، والتي تسلّل إليها التبديل والتغيير بسبب تضاربها وتناقضها، واختلافها،[٧] كما ذكر في تفاصيلها ما لا يليق بمقام الأنبياء -عليهم السلام- وذريّاتهم.[٦]


ونذكر لطيفةً أشار إليها بعض الكتّاب في خبر أخت يوسف -عليه السلام-؛ فقالوا: لو كان له -عليه السلام- أختاً لقصّت أثره، وتتبعت خبره كما كان في أخت النبي موسى -عليه السلام-؛ التي تعاونت مع أمها في حفظ أخيها من الضياع أو الهلاك، وقد استمرّت في متابعته حتى عاد إلى أحضان أمه لترضعه، ويطمئن قلبها عليه.


المنهج القرآني في ذكر تفاصيل قصص الأنبياء

يعدّ القصص القرآني عموماً، وقصص الأنبياء على وجه الخصوص من أهم أساليب القرآن الكريم التي يسوقها الله -تعالى- في كتابه من أجل أخذ العظة والعبرة، ومن أجل الاستدلال على التوحيد وترسيخه في النفوس والقلوب؛ بالإضافة إلى تثبيت فؤاد النبي -صلى الله عليه وسلم-، والمؤمنون معه في كثير من المواقف والأحداث العظيمة.


وهذه الأهداف الساميّة تستدعي التّركيز على بعض التفاصيل التي تخدم الحاجة الدينيّة والدعويّة، مع الإعراض عن التفاصيل الأخرى؛ التي لا يضرّ جهلها، ولا ينفع معرفتها.


ومن هذه التفاصيل التي أعرض القرآن الكريم عن ذكرها؛ خبر أخت سيدنا يوسف -عليه السلام-، حيث جاء التركيز في سورة يوسف -عليه السلام- على ذكر إخوته، ووالده النبي يعقوب -عليه السلام-، دون التطرّق إلى القول بوجود، أو عدم وجود أخت لسيدنا يوسف -عليه السلام-.

المراجع

  1. أحمد قشوع، تأملات في رؤيا يوسف عليه السلام، صفحة 168-170. بتصرّف.
  2. سورة يوسف، آية:4
  3. سورة يوسف، آية:5
  4. ابن عجيبة، البحر المديد في تفسير القرآن المجيد، صفحة 580، جزء 2. بتصرّف.
  5. ابن قتيبة، المعارف، صفحة 42، جزء 1. بتصرّف.
  6. ^ أ ب إبراهيم خليل أحمد، إسرائيل والتلمود دراسة تحليلية، صفحة 65. بتصرّف.
  7. أحمد قشوع، تأملات في رؤيا يوسف عليه السلام، صفحة 169-170. بتصرّف.