قوم عاد

قوم عادٍ من أقدم أقوام العرب البائدة، ويرجع نسبهم إلى عادٍ بن عوص بن أرم بن سام، وأرجع جملةٌ من المؤرّخين المسلمين موطن قوم عادٍ إلى منطقة الأحقاف اتجاه الشمال الشرقي من مدينة حضرموت جنوب صحراء الربع الخالي، في حين اتّجهت بعض الآراء الحديثة إلى أنّ موطنهم يقع في شمال الجزيرة العربية، وكانوا يتمتّعون بضخامة الجسم وقوّته، وكانوا في رغدٍ من العيش؛ وتعدّدت أنشطتهم من زراعة وصناعة وعمران، وعادٌ من ذريّة نبي الله نوح -عليه السّلام- الكثيرة التي تفرّقت إلى قبائل وانتشرت في أماكن واسعةٍ، وكان من عادٍ ما كان من غيرهم من انحرافٍ عن دعوة الأنبياء لتوحيد الله تعالى؛ فاتّخذت عادُ وغيرها من الأصنام والأوثان آلهةً لها،[١][٢] قال الله تعالى مذكّرًا عاد بما أنعم عليهم: "وَاذكُروا إِذ جَعَلَكُم خُلَفاءَ مِن بَعدِ قَومِ نوحٍ وَزادَكُم فِي الخَلقِ بَسطَةً فَاذكُروا آلاءَ اللَّـهِ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ".[٣]


هود نبي قوم عاد

أمّا عن نبيّ قوم عادٍ؛ فهو نبيّ الله هود عليه السّلام، واسمه هود بن شالخ بن أرفخشيد بن سام بن نوح عليه السلام، وقيل هو عابر بن شالح بن سام بن نوح، وقيل هو هود بن عبد الله بن رباح بن الجارود بن عاد بن عوص بن إرم بن نوح عليهما السّلام، وهو من العرب العاربة، واتّفق كثيرٌ من علماء السِّير على أنّه أوّل نبيٍّ ابتعثه الله تعالى بعد نوحٍ عليهما السّلام،[٤][٥] وورد ذكر هود -عليه السّلام- ودعوته في مواطن كثيرةٍ من القرآن الكريم، وسمّيت إحدى سوره باسمه، وقد بعث الله تعالى هودًا إلى قوم عادٍ، كما جاء في قوله تعالى: "وَإِلى عادٍ أَخاهُم هودًا قالَ يا قَومِ اعبُدُوا اللَّـهَ ما لَكُم مِن إِلـهٍ غَيرُهُ أَفَلا تَتَّقونَ"،[٦] وقوله تعالى: "أَلا بُعدًا لِعادٍ قَومِ هودٍ"،[٧] وذلك بعد أن فشت فيهم عبادة الأوثان؛ ليدعوهم إلى الإيمان به وتوحيده، لكنّهم كذّبوه ولم يستجيبوا له، واستمرّ ينذرهم من عاقبة تكذيبهم للدعوة واغترارهم بقوّتهم، فلم يستجيبوا وأخذوا يتّهمون هودًا بالسفاهة والكذب كما جاء في قول الله تعالى: "قالَ المَلَأُ الَّذينَ كَفَروا مِن قَومِهِ إِنّا لَنَراكَ في سَفاهَةٍ وَإِنّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الكاذِبينَ"، رغم بذل هودٍ -عليه السّلام- وسعه لدعوتهم ونصحهم وبيانه لحرصه عليهم؛ قال الله تعالى على لسان هود عليه السّلام: "قالَ يا قَومِ لَيسَ بي سَفاهَةٌ وَلـكِنّي رَسولٌ مِن رَبِّ العالَمينَ* أُبَلِّغُكُم رِسالاتِ رَبّي وَأَنا لَكُم ناصِحٌ أَمينٌ".[٨][٩][١][٢]


عاقبة قوم عاد

أصرّ قوم عادٍ على الكفر ولم يستجيبوا لهودٍ -عليه السّلام- رغم دعوته لهم وتحذيرهم من غضب الله وعقابه، فأصابهم قحطٌ وجدبٌ شديدٌ استمرّ فيهم سنواتٍ ثلاثةٍ؛ فلم يعتبروا أو يرجعوا عن ما هم عليه من الكفر، فأرسل الله تعالى عليهم ريحًا شديدةً عاتيةً استمرّت سبع ليالٍ وثمانية أيّامٍ، لم يستطيعوا الاحتماء منها؛ إذ كانت تدخل عليهم بيوتهم وقصورهم والكهف والمغارات حتّى أهلكتهم جميعًا، وقد جاء ذكر قوم عادٍ ومجادلتهم لهودٍ -عليه السّلام- وما حلّ بهم من عقابٍ في أربعةٍ وعشرين موضعًا من القرآن الكريم، ومنها ما ورد في سورة الحاقّة: "كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ* فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ* وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ* سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ* فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ".[١٠][١]


المراجع

  1. ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي، صفحة 56. بتصرّف.
  2. ^ أ ب أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل والأنبياء، صفحة 78-81. بتصرّف.
  3. سورة الأعراف، آية:69
  4. ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 282. بتصرّف.
  5. نشوان الحميري، ملوك حمير وأقيال اليمن، صفحة 2. بتصرّف.
  6. سورة الأعراف، آية:65
  7. سورة هود، آية:60
  8. سورة الأعراف، آية:67-68
  9. جواد علي، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، صفحة 310. بتصرّف.
  10. سورة الحاقة، آية:4-8