رعي الأنبياء للغنم

أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (ما بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إلَّا رَعَى الغَنَمَ، فقالَ أصْحابُهُ: وأَنْتَ؟ فقالَ: نَعَمْ، كُنْتُ أرْعاها علَى قَرارِيطَ لأهْلِ مَكَّةَ)،[١] فقد بعث الله -تعالى- الأنبياء والرسل -عليهم الصلاة السلام- مبشّرين ومنذرين، وقد عمل على تأهيلهم لحمل الرسالة بمختلف الوسائل والطرق، ومنها: رعي الأغنام.[٢]


ما الحكمة في رعي الأنبياء للغنم؟

تترتّب العديد من الحِكم والدلالات والعِظات على رعي الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- للغنم فيما يأتي بيان لبعض منها:[٣][٤]


منح الأنبياء والرسل وقتاً للتأمّل والتفكّر

إذ إنّ رعي الأغنام يكون عادةً في المناطق الواسعة الخالية ممّا يعطي فرصةً للتفكّر والتأمّل وصفاء الذِّهن.


القدرة على تقدير الأمور جيداً

القدرة على تقدير الأمور والتخطيط الجيد لها سابقاً والاستعانة بالوسائل التي تُعين على تحقيق المطلوب، فراعي الغنم لا بدّ له من البحث عن مكانٍ مناسبٍ للرعي، وسؤال أهل الخبرة عن أحوال الرعي، فلا بدّ للأنبياء -عليهم السلام- تعلّم كيفية تقدير الأمور والتخطيط لها.


تحمّل المسؤولية في الرعاية والعناية

فراعي الغنم مسؤول عمّا في ذمّته من الأغنام، وكذلك الأنبياء والرسل -عليهم الصلاة والسلام- مسؤولون عن أقوامهم.


تعليم الأنبياء الصبر على دعوة أقوامهم

تعليم الأنبياء -عليهم السلام- الصبر على دعوة أقوامهم وعنادهم وتكذيبهم وإيذائهم، والقدرة على التعامل مع كلّ أفراد القوم بسبب اختلاف تفكيرهم وعقولهم، فرعي الأغنام يتطلّب الكثير من الصبر والتحمّل على الجهد المبذول لإنجاز مهمة الرعي، ويتضمّن الصبر الجهد البدنيّ وتحمّل التغييرات الجويّة والقدرة على التعامل مع كلّ الأغنام على اختلاف طباعِها ومراعاتها، وقد قال الحافظ ابن حجر في ذلك: (لأنّهم إذا صبروا على رعيها، وجمعها بعد تفرّقها في المرعى، ونقلها من مسرحٍ إلى مسرحٍ، ودفع عدّوها من سبعٍ وغيره كالسارق، وعلموا اختلاف طباعِها، وشدّة تفرّقها مع ضعفها واحتياجها إلى المعاهدة، أَلِفوا من ذلك الصبر على الأمة، وعَرِفوا اختلاف طباعِها وتفاوت عقولها، فجبروا كسرها، ورفقوا بضعيفها، وأحسنوا التعاهد لها، فيكون تحمّلهم لمشقة ذلك أسهل ممّا لو كلفوا القيام بذلك من أول وهلةٍ؛ لما يحصل لهم من التدريج على ذلك برعي الغنم)، فيكون الأنبياء -عليهم السلام- على استعدادٍ للرقيّ من سياسة الغنم إلى سياسة الأمم.


تدريب الأنبياء على تأمين الحماية لمَن معهم

إذ إنّ راعي الغنم لا بدّ أن يحمي الأغنام التي معه من هجوم الحيوانات المفترسة عليها، وذلك يتطلّب أن يكون الراعي نبيهاً حاذقاً عالماً بالعدو والطرق التي يلجأ إليها.


السعي في الدعوة إلى توحيد الله في كلّ الأوقات والأحوال

أي توحيد الله وعدم الإشراك به في كلّ الأوقات والأحوال، فرعي الأغنام يتطلّب الخروج فيها من الصباح الباكر والبقاء معها إلى غروب الشمس، وبذلك يعتاد الأنبياء -عليهم السلام- على بذل الجهد والسعي وعدم الركون في دعوة الأقوام رغم كلّ ما يُصيبهم.


المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2262، صحيح.
  2. "شرح حديث ما بعثَ اللهُ نبيًا إلا ورعى الغنمَ"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 10/8/2021. بتصرّف.
  3. عبدالستار المرسومي (25/12/2018)، "دلالات حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم) في علم القيادة"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 10/8/2021. بتصرّف.
  4. "الحكمة في رعي الأنبياء الغنم قبل بعثتهم"، إسلام ويب، 10/2/2013، اطّلع عليه بتاريخ 10/8/2021. بتصرّف.