الإذن بالقتال
مكث النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- في مكّة المكرّمة ثلاث عشرة سنةً يدعو إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة رغم ما كان يلاقيه من أذى قريش ووقوفهم في وجه دعوته، وتعذيبهم لمن آمن معه من الصحابة -رضي الله عنهم-، وكان الأمر من الله -تعالى- لهم في تلك الفترة بالصبر، ومن ذلك قول الله -تعالى-: (وَاصبِر وَما صَبرُكَ إِلّا بِاللَّـهِ وَلا تَحزَن عَلَيهِم وَلا تَكُ في ضَيقٍ مِمّا يَمكُرونَ)،[١] واستمرّ الأمر كذلك إلى أن هاجر المسلمون والنبيّ من بعدهم إلى المدينة المنوّرة، وأسسوا كياناً لهم وكثر عددهم وزادت قوّتهم؛ فأَذِن الله -تعالى- لهم بقتال من يعاديهم من الكفّار، قال -تعالى-: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّـهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ* الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّـهُ)،[٢] وكانت بداية الإَذن بالقتال في السنة الثانية للهجرة.[٢][٣]
كم عدد الغزوات التي غزاها النبي؟
اختلفت الروايات في عدد الغزوات التي غزاها النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام-؛ فمن الروايات ما ذكرت أنّها إحدى وعشرين غزوةً، وقيل ستٌّ وعشرون غزوةً وقيل سبعٌ وعشرون، وأصحّ ما رُوي أنّها تسع عشرة غزوةً؛ كما ذكر زيد بن الأرقم -رضي الله عنه- حين سئل عن ذلك: (كَمْ غَزَا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن غَزْوَةٍ؟ قَالَ: تِسْعَ عَشْرَةَ، قيلَ: كَمْ غَزَوْتَ أنْتَ معهُ؟ قَالَ: سَبْعَ عَشْرَةَ)،[٤] وهذا التعداد لغزوات النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- يشمل الغزوات التي نظّمها وخرج فيها دون أن يشارك بالقتال والغزوات التي شارك فيها بالقتال الفعليّ بنفسه -عليه الصّلاة والسّلام-؛ فأمّا عدد الغزوات التي شارك فيها -عليه الصّلاة والسّلام- بالقتال الفعلي؛ فتسع غزواتٍ، هي غزوات: بدر، وأحد، والخندق، وبني قريظة، والمصطلق، وخيبر، وفتح مكّة المكرّمة، وحنين، والطائف،[٥][٦] وكانت أوّل غزوةٍ خرج فيها النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- غزوة الأبواء وتسمّى كذلك بغزوة ودّان التي وقعت في شهر صفر من السنة الثانية للهجرة.[٧]
أهداف غزوات النبيّ
كان للغزوات التي خرج فيها النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- والسرايا التي سيّرها غاياتٌ وأهدافٌ عظيمةٌ تمثّلت في:[٨]
- الانتصار للمسلمين الأوائل الذين ظُلموا من قِبل كفّار قريش وصُودرت أموالهم وأُخرجوا من بيوتهم وعُذّبوا بسبب إسلامهم.
- حماية الدعوة الإسلاميّة من الذين يحاربونها ويترصّدون لها.
- العمل على نشر الدين والدعوة إليه وتمهيد الطريق الآمن في سبيل تحقيق ذلك.
- ضرب اقتصاد كفّار قريش الذي يسخّرونه لمحاربة المسلمين ودعوتهم؛ وذلك باعتراض بعض قوافل قريش التجارية.
- إقامة التحالفات التجارية والسياسيّة مع القبائل العربيّة المقيمة على الطرق التي تمرّ بها قوافل قريش التجاريّة.
- إعداد جيش المسلمين وتدريبه ورفع جاهزيّته؛ ليكون مستعدًّا للقتال في أي وقتٍ، ولتفويت الفرصة أمام كلّ من يتربّص بالدعوة الإسلاميّة ويعاديها.
- اكتشاف الطاقات العسكريّة لدى الصحابة -رضي الله عنهم-؛ لاستثمارها والاستفادة منها في الغزوات والمعارك.
المراجع
- ↑ سورة النحل، آية:127
- ^ أ ب سورة الحج، آية:39-40
- ↑ محمد أبو شهبة، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، صفحة 73-74. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن زيد بن أرقم، الصفحة أو الرقم:3949، صحيح.
- ↑ "غزوات النبي صلى الله عليه وسلم"، الإسلام سؤال وجواب، 09/10/2019، اطّلع عليه بتاريخ 24/08/2021. بتصرّف.
- ↑ راغب السرجاني (13/01/2020)، "غزوات الرسول"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 24/08/2021. بتصرّف.
- ↑ السيد الجميلى، غزوات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، صفحة 22-23. بتصرّف.
- ↑ محمد بن صامل السلمي، صحيح الأثر وجميل العبر من سيرة خير البشر صلى الله عليه وسلم، صفحة 189-190. بتصرّف.