أرسل الله -عزّ وجلّ- عيسى إلى بني إسرائيل؛ لهدايتهم وإرشادهم إلى طريق الحقّ، وكان آخر أنبيائهم، وهو أحد أولي العزم من الرسل الذي صبروا وتحمّلوا في سبيل الدعوة، وبشّر بنبوّة محمدٍ -عليه الصلاة والسلام- من بعده، قال تعالى على لسان عيسى عليه السلام: (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ).[١][٢][٣]


كم عدد أبناء عيسى بن مريم؟

لم يرد في القرآن الكريم أو السنّة النبويّة الصحيحة نصٌّ يتعلّق بزواج عيسى -عليه السلام- أو يشير لذلك نفيًا أو إثباتًا، أو يذكر اسمًا لزوجته، وكذلك الأمر بالنسبة لأبنائه، وورد ذكر نفي زواج سيّدنا عيسى -عليه السّلام- في بعض الكتب، كما ينكر النّصارى كذلك ما يَرد من أخبارٍ عن أنّ عيسى -عليه السلام- قد تزوّج؛ وبذلك فلا يُثبَت أو يُنسب لعيسى -عليه السلام- سوى أنّه رسول الله تعالى وكلمته التي ألقاها إلى مريم عليها السلام، وروحٌ منه، كما جاء في قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ)، [٤] ومن الجدير بالذكر أنّ الزواج بوجهٍ عامٍّ كان من هدي الأنبياء والرسل -عليهم السلام- وسنّتهم، قال تعالى: (وَلَقَد أَرسَلنا رُسُلًا مِن قَبلِكَ وَجَعَلنا لَهُم أَزواجًا وَذُرِّيَّةً).[٥][٦][٧]


قصّة مولد عيسى عليه السلام

ذكر الله تعالى في القرآن الكريم قصّة مولد عيسى -عليه السلام- التي اشتملت على كثيرٍ من العبر والآيات التي تُظهر قدرة الله على الخَلق والإيجاد، وقد بدأت هذه القصّة حينما كانت أمّه مريم -عليها السلام- تتعبّد وتجتهد بالطاعات، فأرسل الله تعالى إليها جبريل عليه السلام؛ فتشكّل على هيئة رجل ثمّ دخل عليها، فخافت خوفًا شديدًا، وتعجّبت منه، وبادرت بتذكيره بمراقبة الله تعالى له إن كان مؤمنًا تقيّاً، قال تعالى: (فَاتَّخَذَت مِن دونِهِم حِجابًا فَأَرسَلنا إِلَيها روحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَرًا سَوِيًّا* قالَت إِنّي أَعوذُ بِالرَّحمـنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا)،[٨] فبيّن لها جبريل -عليه السلام- أنّه رسولٌ من الله، لا يريد بها السوء، بل جاء ليبشّرها أنّها سترزق بغلام بأمر الله تعالى، فتعجّبت من ذلك، لأنّها غير متزوجةٍ، وليست من أهل الفواحش، فأخبرها أنّه سيكون رسولًا من رسل الله ونبيًّا من أنبيائه دون أن يكون له والد، ليكون آيةً للنّاس على قدرة الله عزّ وجلّ، قال تعالى: (قالَ إِنَّما أَنا رَسولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا* قالَت أَنّى يَكونُ لي غُلامٌ وَلَم يَمسَسني بَشَرٌ وَلَم أَكُ بَغِيًّا* قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجعَلَهُ آيَةً لِلنّاسِ وَرَحمَةً مِنّا وَكانَ أَمرًا مَقضِيًّا)،[٩] ثمّ مضى، وحملت مريم، وبعد مدّةٍ وَضعَت مولودها بمعجزةٍ تخلّد ذكرها إلى يوم القيامة، ثُمّ رجعت إلى قومها وهي تحمل ولدها، فبدؤوا يلومونها، ويُذكّرونها بشرف أُسرتها وكرم أصلها، فأشارت إلى وليدها، فتكلّم بأمر الله تعالى، وقال: (قالَ إِنّي عَبدُ اللَّـهِ آتانِيَ الكِتابَ وَجَعَلَني نَبِيًّا* وَجَعَلَني مُبارَكًا أَينَ ما كُنتُ وَأَوصاني بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمتُ حَيًّا* وَبَرًّا بِوالِدَتي وَلَم يَجعَلني جَبّارًا شَقِيًّا* وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَومَ وُلِدتُ وَيَومَ أَموتُ وَيَومَ أُبعَثُ حَيًّا).[١٠][١١]


المراجع

  1. سورة الصف، آية:6
  2. محمد إسماعيل المقدم، تفسير القرآن الكريم، صفحة 8. بتصرّف.
  3. أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 466. بتصرّف.
  4. سورة النساء، آية:171
  5. سورة الرعد، آية:38
  6. "هل تزوج المسيح عيسى عليه السلام ؟"، الإسلام سؤال وجواب، 11-08-2008، اطّلع عليه بتاريخ 12-9-2021. بتصرّف.
  7. "هل تزوج عيسى عليه السلام من مريم المجدلية"، اسلام ويب، 29-6-2006، اطّلع عليه بتاريخ 12-9-2021. بتصرّف.
  8. سورة مريم، آية:17-18
  9. سورة مريم، آية:19-21
  10. سورة مريم، آية:30-33
  11. أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 466-469.