ما هي كذبات النبي إبراهيم الثلاث؟

لم يرد عن نبيّ الله إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- أنّه كذب أبداً إلّا ثلاث مراتٍ، وتجدر الإشارة إلى أنّ كذب إبراهيم -عليه السلام- ليس من الممنوعات والمحظورات، إنّما هو من التعريض المباح؛ أي عدم التصريح بالكلام والإشارة إليه تلميحاً، ونصّ على إباحته ابن العربي في الأحكام، وشيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى، والسرخسي في السِّير، وابن حجر، وابن عاشور، وغيرهم، وقد ثبتت كذباته فيما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (لَمْ يَكْذِبْ إبْرَاهِيمُ عليه السَّلَامُ إلَّا ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ، ثِنْتَيْنِ منهنَّ في ذَاتِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ؛ قَوْلُهُ {إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: 89]، وقَوْلُهُ: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء: 63]. وقالَ: بيْنَا هو ذَاتَ يَومٍ وسَارَةُ، إذْ أَتَى علَى جَبَّارٍ مِنَ الجَبَابِرَةِ، فقِيلَ له: إنَّ هَاهُنَا رَجُلًا معهُ امْرَأَةٌ مِن أَحْسَنِ النَّاسِ، فأرْسَلَ إلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَنْهَا، فَقالَ: مَن هذِه؟ قالَ: أُخْتِي، فأتَى سَارَةَ قالَ: يا سَارَةُ، ليسَ علَى وجْهِ الأرْضِ مُؤْمِنٌ غيرِي وغَيْرَكِ، وإنَّ هذا سَأَلَنِي فأخْبَرْتُهُ أنَّكِ أُخْتِي، فلا تُكَذِّبِينِي، فأرْسَلَ إلَيْهَا، فَلَمَّا دَخَلَتْ عليه ذَهَبَ يَتَنَاوَلُهَا بيَدِهِ فَأُخِذَ، فَقالَ: ادْعِي اللَّهَ لي ولَا أَضُرُّكِ، فَدَعَتِ اللَّهَ فَأُطْلِقَ، ثُمَّ تَنَاوَلَهَا الثَّانِيَةَ، فَأُخِذَ مِثْلَهَا أَوْ أَشَدَّ، فَقالَ: ادْعِي اللَّهَ لي ولَا أَضُرُّكِ، فَدَعَتْ فَأُطْلِقَ، فَدَعَا بَعْضَ حَجَبَتِهِ، فَقالَ: إنَّكُمْ لَمْ تَأْتُونِي بإنْسَانٍ، إنَّما أَتَيْتُمُونِي بشيطَانٍ! فأخْدَمَهَا هَاجَرَ، فأتَتْهُ وهو قَائِمٌ يُصَلِّي، فأوْمَأَ بيَدِهِ: مَهْيَا، قالَتْ: رَدَّ اللَّهُ كَيْدَ الكَافِرِ -أَوِ الفَاجِرِ- في نَحْرِهِ، وأَخْدَمَ هَاجَرَ. قالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: تِلكَ أُمُّكُمْ يا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ).[١][٢][٣]


الكذبة الأولى

كذب نبي الله إبراهيم -عليه السلام- الكذبة الأولى حينما طلب منه قومه الخروج معهم في عيدهم، فرفض الخروج وقال لهم: "إنّي سقيم"؛ أي أنّه مريض ولم يكن كذلك، وهو في الحقيقة لم يكذب إذ أراد بقوله أنّه مريضٌ بسبب كفرهم وعِنادهم، وكان قد رفض الخروج معهم لأنّه أراد أن يكسر آلهتهم حينما يخرجون، قال -تعالى- على لسانه: (فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ*فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ*فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ*مَا لَكُمْ لَا تَنطِقُونَ*فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ).[٤][٥]


الكذبة الثانية

خرج قوم إبراهيم -عليه السلام- إلى عيدهم ولم يذهب معهم، وقام إلى أصنامهم فحطّمها إلّا الكبير منها، حتى يعتبروا ويتعظوا، فلمّا عادوا ووجدوا أنّ الأصنام قد حُطّمت إلّا كبيرها سأل القوم إبراهيم عمّن فعل ذلك فأجابهم بأنّ كبيرها هو مَن حطّمها، قال -تعالى- في تلك الحادثة: (فَجَعَلَهُم جُذاذًا إِلّا كَبيرًا لَهُم لَعَلَّهُم إِلَيهِ يَرجِعونَ*قالوا مَن فَعَلَ هـذا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظّالِمينَ*قالوا سَمِعنا فَتًى يَذكُرُهُم يُقالُ لَهُ إِبراهيمُ*قالوا فَأتوا بِهِ عَلى أَعيُنِ النّاسِ لَعَلَّهُم يَشهَدونَ*قالوا أَأَنتَ فَعَلتَ هـذا بِآلِهَتِنا يا إِبراهيمُ*قالَ بَل فَعَلَهُ كَبيرُهُم هـذا فَاسأَلوهُم إِن كانوا يَنطِقونَ*فَرَجَعوا إِلى أَنفُسِهِم فَقالوا إِنَّكُم أَنتُمُ الظّالِمونَ*ثُمَّ نُكِسوا عَلى رُءوسِهِم لَقَد عَلِمتَ ما هـؤُلاءِ يَنطِقونَ*قالَ أَفَتَعبُدونَ مِن دونِ اللَّـهِ ما لا يَنفَعُكُم شَيئًا وَلا يَضُرُّكُم*أُفٍّ لَكُم وَلِما تَعبُدونَ مِن دونِ اللَّـهِ أَفَلا تَعقِلونَ).[٦][٥]


وتجدر الإشارة إلى أنّ إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- أراد بقوله ذلك إقامة الحُجّة على قومه بأنّ الأصنام لا تنفع ولا تضرّ، وأنّها لا تستطيع فعل شيءٍ، وبيّن لهم إبراهيم أنّ الأصنام التي يعبدونها من دون الله -تعالى- لا تنفعهم ولا تضرّهم.[٥]


الكذبة الثالثة

ذهب إبراهيم -عليه السلام- وزوجته سارة إلى مصر كان يحكمها ملك جبار، فقيل لذلك الجبار عن جمال سارة وأنّها من أحسن النساء، فأرسل إلى إبراهيم فسأله عنها فأجابه إبراهيم بأنّها أخته، وأراد هنا أنّها أخته في الله وفي الدين والإسلام، إذ لو قال زوجتي، لقتله الفاجر ليتخلص منه، أو ألزمه بطلاقها، والتقى الملك بها ومدّ يده إليها إلّا أنّها شُلّت، وطلب منها أن تسأل الله شفاءه فشُفي، ومدّ يده مرةً أخرى إليها فشُلّت أيضاً، وطلب منها أن تسأل الله شفاءه فشُفي ثمّ تركها وشأنها، وبذلك فقد سَلِمت سارة من شرّ الملك.[٥]


المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:3358، صحيح.
  2. يكذب ابراهيم&st=w&xclude=&rawi[= "كذبات النبي إبراهيم الثلاث"]، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 2/12/2021. بتصرّف.
  3. "كذبات النبي إبراهيم الثلاث"، إسلام ويب، 7/6/2014، اطّلع عليه بتاريخ 2/12/2021. بتصرّف.
  4. سورة الصافات، آية:89-93
  5. ^ أ ب ت ث "ما الكذبات الثلاث التي ذكرها إبراهيم ﷺ؟"، ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 4/1/2022. بتصرّف.
  6. سورة الأنبياء، آية:58-67