قصة سيدنا سليمان مع ملك الموت

جاء في عدد من المصادر التاريخية، وكتب الحديث والرواية أنّ لسيدنا سليمان -عليه السلام- عدّة مواقف مع ملك الموت، منها ما كان معه، ومنها ما كان مع وزير أو رجل عنده؛ وتجدر الإشارة أنّ بعض أهل العلم تكلّموا في صحة هذه القصص؛ فمنهم من ضعّفها واعتبرها من قبيل الأخبار المقطوعة، ومنهم من عدّها من مرويات أهل الكتاب،[١] وفيما يأتي بيان هذه القصص.


دعاء سيدنا سليمان برؤية ملك الموت

ذُكر في بعض الأخبار أنّ سيدنا سليمان -عليه السلام- دعا الله -سبحانه- أنْ يُريه ملك الموت، وأن يَهبه القوة ليتمكّن من الحديث معه؛ وذات مرة كان النبي سليمان -عليه السلام- على سريره، فرأى رجلاً يخرج من طرف السرير، ولم يتمكن أحدٌ من رؤيته سواه -عليه السلام-، فلمّا نظر إليه وجده بأتمّ خِلقة؛ وسأله عن كيفية دخوله إلى بيته؛ فأجابه ملك الموت أنّ الذي أدخله هو صاحب المُلك الذي يعلو ملكه وسلطانه مُلك سليمان -عليه السلام-، عندها علم سيدنا سليمان -عليه السلام- أنّه من الملائكة، وأنّه مُرسلٌ من الله -تعالى-، ولمّا تبيّن له أنّه ملك الموت فزع فزعاً شديداً.[٢]


ممّا جعل ملك الموت يرجو الله -سبحانه- أنّ يمدّ سليمان -عليه السلام- بقوة أكبر؛ حتى يتمكن من النّظر إليه ويُتمّ كلامه معه، فأوحى الله -تعالى- إلى ملك الموت أن يضع يده على صدر سيدنا سليمان، ففعل ذلك فأفاق -عليه السلام-، ثم دار بينه وبين ملك الموت كلاماً حول عظمة الله -سبحانه- وقدرته، وعن مهمة ملك الموت في السماوات والأرض -قبض الأرواح- بتكليفٍ وإذنٍ من الله، وأنّ الله -سبحانه- لو أذن له لضمّ السماوات والأرض ومن فيهنّ إلا عرش الرحمن -سبحانه- ومن حوله؛ لفعل ذلك بخفة وسرعة كبيرة.[٢]


ملك الموت في مجلس سيدنا سليمان

روى الأعمش أنّ ملك الموت كان في زيارة لسيدنا سليمان -عليه السلام-؛ فرأى عنده رجلاً؛ فجعل ملك الموت يُطيل النّظر فيه والتّحديق به، ولمّا خرج ملك الموت سأل الرجل سيدنا سليمان -عليه السلام- عن حقيقة هذا الزائر؛ فأخبره -عليه السلام- أنّ هذا ملك الموت، ففزع الرجل وخاف خوفاً شديداً، وطلب من سيدنا سليمان -عليه السلام- أن يُسخّر له الريح لتحمله إلى جزرٍ بعيدة -قيل جزر الهند-، فكان له ذلك.[٣]


ولمّا عاد ملك الموت إلى زيارة سيدنا سليمان -عليه السلام- سأله عن سبب طول تحديقه بذلك الرجل؛ فأجابه أنّ الله -سبحانه- أمره أن يقبض روح هذا الرجل في جزر الهند، فلمّا رآه في بيت المقدس عند سيدنا سليمان -عليه السلام- تعجّب واستنكر، فقد فرّ الرجل من قدر الله -تعالى- إلى قدر الله.[٣]


ما يستفاد من المواقف السابقة

تتجلى من المواقف السابقة عبر كثيرة نفيسة -بصرف النظر عن صحة هذه القصص المرويّة-؛ والتي يمكن تلخيصها بالآتي:

  • أنّ الله -سبحانه- يُوكل ملك الموت بقبض روح الإنسان في وقت مُقدّر، لا يستطيع الإنسان أن يُقدمه أو يُؤخره.
  • أنّ الإنسان مهما فعل، ومهما طال عمره فإنّ الموت سيلقاه حتماً؛ قال -تعالى-: (قُلْ إِنَّ المَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنهُ فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ).[٤]



مواضيع أخرى:

قصص النبي سليمان ومعجزاته

من أول من تمنى الموت من الأنبياء؟

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 1899، جزء 3. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ابن الجوزي، بستان الواعظين ورياض السامعين، صفحة 171. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ياسر الحمداني، موسوعة الرقائق والأدب، صفحة 3280. بتصرّف.
  4. سورة الجمعة، آية:8