قصة النبي يوشع بن نون والشمس

ثبت في صحيح البخاري أنّ الله -سبحانه- قد حبس الشمس من الغروب لنبي من أنبيائه؛ يُقال له يوشع بن نون -عليه السلام-، وذلك لمّا أمره الله -سبحانه- بقتال القوم الجبارين، فذهب إلى ملاقاتهم يوم الجمعة، ولمّا دنت الشمس من الغروب، ولم ينتهِ من قتالهم؛ خاطب الشمس قائلاً: (إنَّكِ مَأْمُورَةٌ وأَنَا مَأْمُورٌ -أيّ: أنت مأمورة بأن تغيبي، وأنا مأمور أن أفتح هذه البلدة، وأقود هذه الجيوش-، اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا).[١][٢]


وقد استجاب الله -سبحانه- دعاء هذا النبي؛ فحبس عنه الشمس كرامةً له، حتى انتهى من قتال الجبارين وانتصر عليهم، ودخل البلدة التي أُمر بدخولها؛ والسبب وراء ذلك أنّ يوشع بن نون -عليه السلام- خشيَ أن تغرب عليه الشمس قبل انتهاء القتال يوم الجمعة؛ فيضطر إلى القتال يوم السبت، وقد كان يوم السبت يوماً مُعظماً عند اليهود، فلا يُقاتلون فيه، لذا طلب أن تُحبس عنه الشمس.[٢]


وقد أكد النبي -صلى الله عليه وسلم- على أنّ حبس الشمس كان ليُوشع بن نون -عليه السلام- في حديث آخر، حيث صحّ عنه -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (إِنَّ الشَّمْسَ لَمْ تُحْبَسْ عَلَى بَشَرٍ إِلَّا لِيُوشَعَ لَيَالِيَ سَارَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ).[٣][٢]


يوشع بن نون

نسبه

تذكر العديد من المصادر التاريخيّة أنّ نسب يوشع بن نون -عليه السلام- يعود إلى إبراهيم الخليل -عليه السلام-؛ فقيل هو يوشع بن نون بن أفرائيم بن يوسف بن يعقوب، بن إسحاق بن إبراهيم -على أنبياء الله أفضل الصلاة وأتمّ التسليم-، وقد ذُكر بالقرآن الكريم في قصة موسى -عليه السلام-.[٤]


حيث قال -تعالى-: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا)،[٥]كما دلّت النصوص الثابتة أنّ يوشع بن نون هو فتى النبي موسى -عليهما السلام-، الذي لازمه في رحلته مع الخضر، فقد ثبت في الصحيح: (... "وَإِذْ قالَ مُوسَى لِفَتَاهُ"، هو يُوشَعَ بنِ نُونٍ...).[٦][٤]


نبوته

وقد كانت نبوة يوشع بن نون -عليه السلام- بعد نبوة موسى وهارون -عليهما السلام-، وقيل إنّ النبوة صارت إلى يوشع في آخر عمر موسى -عليهما السلام-، فكان يسأله عمّا أوحى الله -تعالى- له، وقد ردّ أهل العلم هذا القول؛ إذ إنّ موسى -عليه السلام- لم يزل وجيهاً مُكلمّاً من الله -تعالى-، مع بقاء الوحي والتشريع، حتى توفاه الله -عز وجل-.[٤]


ولمّا أمر الله -تعالى- من بني إسرائيل زمن موسى -عليه السلام- بالدخول على القوم الجبارين، ورفضوا ذلك وقالوا لموسى -عليه السلام- ما قالوا، ابتلاهم الله -تعالى- بالتيه أربعين سنة، وقد حُرّم عليهم دخول الأرض المُقدّسة؛ حتى مات موسى وهارون -عليهما السلام- في التيه، وهلك العُصاة من بني إسرائيل، وجاءت من بعدهم ذُريّتهم، فأرسل الله -تعالى- لهم يوشع بن نون -عليه السلام-، وقد قاتلوا الجبارين، وهزموهم بإذن الله -تعالى-.[٧]


وتذكر المصادر أنّ يوشع بن نون -عليه السلام- قد تدّبر شؤون بني إسرائيل سبعاً وعشرين سَنَة، ثم توفي وهو يبلغ من العمر مئة وعشر سنين، وأوصى لرجل صالح من بعده، فبقي على منهاج يوشع زماناً في بني إسرائيل، حتى توفاه الله -تعالى-.[٨]

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:3124، صحيح.
  2. ^ أ ب ت شحاتة صقر، دروس وعبر من صحيح القصص النبوي، صفحة 7. بتصرّف.
  3. رواه الإمام أحمد، في المسند، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:8315، صححه الذهبي وابن حجر العسقلاني.
  4. ^ أ ب ت ابن كثير، قصص الأنبياء، صفحة 199-200، جزء 2. بتصرّف.
  5. سورة الكهف، آية: 60
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي بن كعب، الصفحة أو الرقم:4726، صحيح.
  7. مجموعة من المؤلفين، موسوعة التفسير المأثور، صفحة 486، جزء 7. بتصرّف.
  8. ابن الجوزي، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، صفحة 379، جزء 1. بتصرّف.